للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ}: أي: لأنْ أعدِلَ؛ كما قال: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [النساء: ٢٦]؛ أي: أنْ يُبَيِّنَ لكم.

أي: أُسَوِّيَ (١) بين شريفكم ووَضِيعكم، فلا أُحابيَ أحدًا، ولا أخُصَّ البعضَ بأمرٍ أو نهيٍ، فإنَّ الدَّعوةَ واحدةٌ، والدِّينَ واحدٌ.

{اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ}: ونحن كلُّنا عبيدُه.

{لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}: أي: يُؤاخَذُ كلٌّ منا بعمَل نفْسِه دون عمَلِ غيرِه.

{لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ}: أي: لا مُحاجَّةَ؛ أي: لم تبقَ خُصومةٌ بَعْد ظُهور الحق، فالحُجَّةُ لنا عليكم لِظُهورها، وليست بيننا بالاشتباه والالتباس.

وقيل: المُحاجَّةُ إنما تنفعُ إذا كان قَصْدُ المتجادلِين طلَبَ (٢) الحق، فإذا كانت مخاصمَتُكم للحسَد والبَغْي لم تنجَعْ فيكم الحُجَّة، فلم يَبْقَ إلا انتظارُ أمرِ اللَّه، وذلك إمَّا في الدنيا وإمَّا في الآخرة.

وقولُه تعالى: {اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا}: في القيامة {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}: أي: إلى جزائِه المَرْجِعُ.

وقيل في قوله: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ}: أي: فلِمَا أوحيتُ إليكَ وعرَّفْتُكَ مِن اتِّفاقِ الشرائعِ فادعُ؛ أي: مِن أجْل ذلك.

وقيل: أي: مِن أجْل (٣) ما أعلمتُكَ مِن تفرُّقِ أهل الكتاب، فادْعُهم إلى الاستقامة، واستقِمْ أنتَ.


(١) في (ر): "أن أسوي"، وفي (ف): "أن أسوي بينكم".
(٢) في (ر) و (ف): "في طلب".
(٣) في (ف): "مما".