للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢١) - {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}.

وقولُه تعالى: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا}: أي: ووعدَكم أخرى، وهي مكَّةُ، لم تَقْدِروا على دخولها العامَ بصدِّ المشركين.

{قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا}: أي: قد أعدَّها لكم وحبَسَها عليكم، فهي لكم كالشيء قد أُحِيطَ به مِن كل جانبٍ، فهو مَحْصورٌ، لا يُفْلِتُ ولا يمتنعُ عن المُحيطين به، يَحوزونه متى أرادوا، وهذا بلاغةٌ عجيبةٌ.

وقيل: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا}: فارسُ والرُّومُ، {قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا}: أي: قد علِمَ أنها ستكون لكم.

وقيل: هي هوازِنُ وغَطَفانُ.

{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}: أي: مِن فَتْحِ هذه القُرى، وإنجازِ هذه المواعيد، وكلِّ شيء.

* * *

(٢٢ - ٢٣) - {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٢٢) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}.

وقولُه تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}: يعني: الذين صَدُّوهم عن المسجد الحرام، وهو إِيناسٌ لهم عن الوَحْشة التي اعتَرَتْ بعضَهم بانصرافهم، وتشجيعٌ لقلوبهم على كلِّ جهادٍ.

{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ}: أي: سَنَّ اللَّهُ تعالى هذه السُّنّةَ؛ أي: هكذا أجرى اللَّه تعالى العادةَ في الأُمَم الخالية أنَّ الكافرين لا يجدون وليًا ولا نصيرًا، فهُم مخذولون وإنْ أُمْهِلوا إلى حينٍ.