للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عِقابَ اللَّهِ وبأسَه، فبينما هُم حولَ البئر في منازلهم انهارَتِ البئرُ، وانخسَفَتْ بهم، وانخسَفَتْ رِباعُهم ودُورُهم، وهلَكوا جميعًا (١).

وأما تُبَّعٌ، فقد ذكَرْنا فيه الأقاويلَ والأحاديثَ في سورة الدُّخان.

وقال الحسن: لم أسمَعْ مِن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكُرون مِن تُبَّعٍ أكثرَ ممَّا ذكَرَه اللَّهُ تعالى في كتابه، وقد كذَّبَ قومُه رسولَهم.

وقال وَهْبٌ ومحمدُ بنُ إسحاقَ والواقديُّ: هُم قومٌ مِن حِمْيَرَ، وكان تُبَّعٌ مُسْلِمًا، وسُمِّيَ تُبَّعًا لكثرة مَن تَبِعَه، وكان تُبَّعٌ أعجبَه غِلْمانٌ مِن فَدَك كانوا يختلفون إليه، فقالوا: قد أكرَمَنا هذا الرجلُ، وإنا نراه يعبُدُ نارًا لا تُغْني عنه شيئًا، أفلا نَدْعُوه إلى أمرِنا ونخبرُه أنَّ اللَّهَ بعَثَ رسولًا، يَعْنون به موسى، وأنزَلَ عليه التَّوراةَ فيها الحلالُ والحرامُ والأمرُ والنَّهْيُ؟! فقال بعضُهم: نخافُ أنْ يقتُلَنا، وقال أَصْغَرُهم: أنا أقولُ له ذلك، فإن قال شيئًا قلتم: هو أصغرُنا وأحدَثُنا سِنًّا، فلما خلا بهم ذكَرَ أمرَ موسى، فقال تُبَّعٌ للآخرين: ما يقول هذا الفتى؟ فقالوا: صدَقَ، فإنْ شئتَ عرَضْنا عليك أمرَنا، قال: فافعلوا، فعرَضوا عليه أمرَهم، فقَبِلَه وتابعَهم، ثم عرَضوا على حاشِيَتِه وخاصَّتِه فقَبِلوه، وفشا في الناس ذلك، وقالوا: إنَّ الملِكَ ترَكَ دِينَه، فصاروا إليه، فقالوا: بلَغَنا أنكَ ترَكْتَ دِينكَ، فإنْ كنتَ فعلتَ ذلك لم تكن بعد هذا علينا مَلِكًا، وإنْ لم تفعلْ ذلك فادفَعْ إلينا هؤلاء الغِلْمانَ، وكانت لهم نارٌ في أسفَلِ جبلٍ يُقال لها: نِدًّا، يتحاكمون إليها، فتَحْرِقُ الظالمَ، فتحاكَموا إليها، فجاء الفَدَكِيُّون بالتوراة، وجاء الحِمْيَرِيُّون بأصنامهم، فخرجَتْ نارٌ، فأحرقَتِ الحِمْيَرِيِّينَ، ولم تَحْرِقْ أحدًا مِن أصحاب التوراة، فهُم قومُ تُبَّعٍ (٢).


(١) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ١٣٣)، والواحدي في "الوسيط" (٣/ ٣٤١)، والبغوي في "تفسيره" (٦/ ٨٤).
(٢) ذكره الغزالي في "مقامات العلماء" (ص: ٢٠) عن وهب ومحمد بن إسحاق.