للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبين خبر (١) السَّماء، ولم يَدْروا سبب ذلك، فقالوا: لا ندري أراد اللَّهُ به عذاب أهل الأرض بكفرهم ومعاصيهم، أو بَعْثَ رسولٍ فيهم.

وقيل: قالوا ذلك بعد رؤية النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومعناه: لا ندري أيكفر أهل الأرض به فيُعذَّبون، أو يؤمنون به فيَرْشدون.

واختلفوا في الرَّمي والرُّجوم (٢) وانقضاضِ الكواكب متى ظهر:

قال ابن إسحاق وقتادةُ: ظهر حين قرب نزول الوحي على رسولنا محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لئلَّا يشاكل الوحيَ شيءٌ من خبر السَّماء، فيلتبسَ على أهل الأرض ما جاءهم من اللَّه بخبر الرَّسول ممَّا قال الكُهَّان من قول الشَّياطين ممَّا استرَقُوه من قولِ أهل السَّماء (٣).

وقال أبيُّ بن كعب والكلبيُّ وغيرهما: كان ذلك موجودًا قبل عيسى وبعده إلى أن رُفع، فلم يرمَ بعده بالنُّجوم إلى مبعث النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤).

وقالوا: إنَّ شعراء الجاهليَّة يذكرون ذلك في أبياتهم.

وقال مَعْمَر: قلْتُ للزُّهريِّ: أكان يُرمى بها في الجاهليَّة؟ قال: نعم، قلت: يقول اللَّه تعالى خبرًا عنهم: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ} قال: غُلِّظَتْ وشُدِّد أمرها بعد مبعث النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٥).

وقال الجاحظ وجماعة: بل لم يكن قبل زمن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٦).


(١) "خبر" ليست في (أ) و (ف).
(٢) في (أ) و (ف): "والنجوم".
(٣) انظر: "سيرة ابن إسحاق" (ص: ١١١ - ١١٢)، وروى الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٣٢٨) عن قتادة قال: (كانت الجن تسمع سمع السماء؛ فلما بعث اللَّه نبيه حرست السماء).
(٤) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٣٠٣) إلى الواقدي وأبي نعيم عن أبي بن كعب رضي اللَّه عنه.
(٥) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (٣٣٤٩)،
(٦) انظر: "الحيوان" للجاحظ (٦/ ٢٧٢) وما بعدها، وقد رد على من استشهد بالشعر وأطال الكلام فيه.