يهودية عالمية، وإنما باعتبارها لغة يهود شرق أوربا، التي تُعبِّر عن خصوصيتهم.
ولكن هذه الخصوصية اليهودية اليديشية وغيرها من الخصوصيات اليهودية، تم اكتساحها مع ظهور العلمانية الشاملة في الغرب وعصر العقل والاستنارة. فالفكر العلماني والعقلاني ينظر إلى الكون في إطار فكرة القانون العام والطبيعة البشرية العامة والإنسان الطبيعي. وقد ظهر هذا الفكر قبل تَطوُّر الدراسات التاريخية والأنثروبولوجية التي أدَّت إلى تَراجُع فكرة الإنسان الطبيعي والإنسانية العامة، حيث حل محلها إدراك أعمق للطبيعة البشرية ولتَداخُل العناصر التاريخية والحضارية الخاصة مع بنية الطبيعة البشرية ذاتها. وقد طالب عصر العقل أعضاء الجماعة اليهودية وغيرهم بالتخلص من خصوصيتهم ليصبحوا بشراً بالمعنى العام للكلمة. وكان يُنظَر إلى اليهود الذين يُؤثرون الإبقاء على خصوصيتهم الدينية أو الإثنية على أنهم «دولة داخل دولة» . وقد شن الفكر العقلاني هجوماً شرساً على جميع الأقليات العرْقية واللغوية والدينية في المجتمع الغربي وضمن ذلك الجماعة اليهودية، ودعاهم إلى التخلي عن انعزاليتهم وإلى إصلاح وتحديث هويتهم، أي تطبيعها وتخليصها من أية خصوصية تكون قد علقت بها.