يمكن دراسة أية ظاهرة من منظور تَفرُّدها الكامل أو من منظور عموميتها وخصائصها المشتركة مع ظواهر مماثلة. ولهذا، فإن بعض المدارس الفكرية يذهب إلى أن كل ظاهرة إنسانية ظاهرة فريدة تتحدى التصنيف والتعميم بحيث تقف الظاهرة كياناً عضوياً فريداً يشبه الأيقونة المكتفية بذاتها والتي لا تشير إلى شيء خارجها. ومن ثم، فإن فهم هذه الظاهرة أمر مستحيل إلا لمن يلتحمون بها عضوياً. ولكن حتى هؤلاء، نظراً لالتحامهم بها، هم أيضاً غير قادرين على الإفصاح عنها. ولذا فإن المعرفة في هذه الحالة لا تكون إلا معرفة إشراقية من خلال الحدس والإلهام والتخيل وحسب. كما يرى هؤلاء أن الواقع الذي يعيش فيه الإنسان واقع مستمر مترابط يشبه ألوان الطيف المتداخلة. ولذا، فإن كل ما يمكن أن يفعله الإنسان أمام هذا التكامل العضوي هو أن يتقبله كما هو دون تفسير أو تجزئة.
ولكن هناك من يذهب إلى عكس ذلك فيرى الواقع من خلال مجموعة من القوانين العلمية العامة التي ترى أن الجوانب الفريدة في ظاهرة ما (ما نسميه المنحنى الخاص للظاهرة) أمر لا يستحق التسجيل أو الرصد، وإن سُجِّلت فهي لا تُعدِّل القانون العلمي الأساسي القادر على تفسير كل الظواهر عن طريق رد الأجزاء إلى الكل، والخاص إلى العام، ورد كل شيء إلى عنصر واحد أو بُعد واحد أو سبب واحد، فيصبح الواقع كله كماً واحداً لا قسمات له ولا ملامح، ولا يتسم بأي تَعيُّن أو تركيب أو خصوصية، فهو يشبه الصور النيجاتيف التي تنتجها أشعة إكس والتي لا تتسم بالجمال أو القبح، وهي صور "صادقة" و"حقيقية" ولكنها تثير الفزع.