كما بيَّن دعاة التنوير ما تصوروه طفيلية اليهود وهامشيتهم، وهي سمات مرتبطة بالوظائف التقليدية لليهود ومسألة التجارة والربا (أي دور الجماعات اليهودية كجماعة وظيفية) ، فطالب دعاة التنوير بضرورة تغيير ذلك حتى يمكن تحويل اليهود من عناصر هامشية منعزلة إلى عناصر منتجة مندمجة، أي تحويل اليهود إلى قطاع اقتصادي منتج بحيث يمكنهم التكيف مع الوضع الاقتصادي الجديد. كما طالبوا بضرورة تشجيع اليهود على الاشتغال بالزراعة والحرف اليدوية. ولم يكن للدعوة إلى تحديث وظائف اليهود وحرفهم ومهنهم مضمون اقتصادي وحسب وإنما كان لها مضمون ثقافي ونفسي عميق، إذ كانت دعوة إلى أن يتحرك أعضاء الجماعة من مسام المجتمع كجماعة وظيفية وسيطة منعزلة لها ثقافتها الخاصة إلى نخاعه أو صلبه. فيصبحون مثل بقية أعضاء المجتمع، يتحدثون بلغته ويرتدون أزياءه وينتمون إليه ويدينون له وحده بالولاء. ولذا، كان من القضايا الأساسية التي طرحتها حركة التنوير إشكالية اللغة إذ كانت الجماعات اليهودية في شرق أوربا تتحدث اليديشية. ولذا، شجع دعاة التنوير الاندماج اللغوي، فنادوا بما سموه «النقاء اللغوي» . ذلك أن تنقية اللغة التي كان يتحدث بها اليهود كفيلة، حسب تصوُّرهم، برفع مستواهم الحضاري. ولذلك، طالبوا بألا يستعمل اليهود اليديشية، وأن يتعلموا بدلاً من ذلك اللغة الأم سواء كانت الروسية أو الألمانية أو البولندية. كما دعوا إلى إحياء اللغة العبرية باعتبارها لغة التراث اليهودي الأصلي. ومع هذا، كان هناك من دعاة التنوير في روسيا وبولندا من كتب أدبياته باليديشية وطالب بأن تصبح اليديشية اللغة القومية ليهود شرق أوربا.