للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الواضح أن موقف أرنت من الصهيونية، ابتداءً من الأربعينيات، كان قد تغير وأخذ شكلاً معادياً للصهيونية. وتُعَدُّ مقالاتها عن الصهيونية، التي كتبت قبل عام ١٩٤٨، من أكثر الدراسات تفسيرية، إذ حدَّدت فيها المعالم الرئيسية لفكرة الصهيونية ولفكرة الدولة الصهيونية فيما بعد. ففي مقالها «إعادة النظر في الصهيونية» بيَّنت أن انعزالية الصهيونية المهووسة تعود إلى تقبُّل أعمى للقومية بالمعنى الألماني، والتي تستند إلى الإيمان بأن الأمة جسم عضوي أزلي، ونتاج عملية نمو حتمية لسمات كامنة. وهكذا، فإن هذا المفهوم للقومية يحدد الشعب لا باعتباره مسألة تنظيم سياسي، وإنما باعتباره مسألة شخصيات بيولوجية ذات طابع فوق إنساني، أي يتجاوز الإنسان. وبيَّنت أن الحركة الصهيونية، كحركة قومية، باعت نفسها من البداية لإحدى القوى العظمى لأن شعار الدولة اليهودية كان يعني في واقع الأمر أن اليهود سيؤسسون أنفسهم من البداية باعتبارهم منطقة نفوذ تحت وهم القومية. وحذرت أرنت من الأوهام الصهيونية، مثل وهم (شعار) : أرض بلا شعب لشعب بلا أرض. وأشارت إلى شيء واضح تمام الوضوح لكل الناس ما عدا الصهانية، وهو أن إرتس يسرائيل (أي فلسطين) ليست مكاناً في القمر، وإنما هي مكان مأهول بالسكان، وأن تأسيس الدولة يعني تهجير سكانها الأصليين. وقد بيَّنت أن فكرة نقل العرب الفلسطينيين (الترانسفير) ظلت منذ عام ١٩٤٥ تُناقَش بشكل جدي في صفوف الصهاينة. وقد استمر موقف أرنت معادياً للصهيونية حتى وفاتها.

إسحق دويتشر (١٩٠٧-١٩٦٧ (Isaac Deutscher

مفكر بولندي يهودي من أهم شارحي الماركسية، والتروتسكية على وجه الخصوص. وُلد بالقرب من كراكوف ونُشِّئ تنشئة دينية أرثوذكسية، ولكنه تلقى فيما بعد تعليماً علمانياً في جامعات بولندا. ويبدو أنه غازل الصهيونية في شبابه، فتعلم العبرية وترجم بعض الأشعار العبرية إلى البولندية.

<<  <  ج: ص:  >  >>