وقد عبَّر عدم التجانس هذا عن نفسه في شكل صراع بين الجماعات اليهودية المختلفة. وفي المغرب، كان اليهود السفارد الوافدون إلى المغرب يشيرون إلى اليهود الأصليين على أنهم «توشافيم» ، أي سكان أصليون أو محليون، وهي عبارة تحمل بعض الإيحاءات القدحية. وكان اليهود الأصليون يشيرون بدورهم إلى الوافدين باعتبارهم «مجوراشيم» ، أي المنفيين أو المنبوذين! وكان يهود صنعاء في اليمن ينظرون بعين الاحتقار إلى يهود الجبال ويعتبرونهم أدنى مرتبة منهم. كما لم يكن الفريقان يتزاوجون فيما بينهم. وفي مصر، كان السفارد والإشكناز ينظرون إلى يهود مصر المستعربة بشيء من التعالي. كما كان السفارد يشيرون إلى الوافدين الجدد من الإشكناز على أنهم «شاخت» ، أي الأشرار، بسبب تَورُّط عدد كبير منهم في الأنشطة المشبوهة، وخصوصاً الدعارة، وقد كانوا ينظرون إليهم بقدرٍّ كبير من التعالي. وهذه المواقف كانت في معظم الأحوال انعكاساً لمواقف مشابهة في المجتمع وسائدة بين أعضاء الأغلبية. وقد نشب الصراع الحاد بعد ذلك بين دعاة الصهيونية وأعدائها. والواقع أنَّ انقسام يهود البلاد العربية كان بارزاً في الإطار التنظيمي حيث لم يكن يتسم بأية مركزية أو وحدة إلا إذا قامت الدولة بفرضه كما حدث في مصر.