ويظهر التحليل الفلسفي مقابل التحليل العلمي المادي في رؤيتهم لليبرالية وعلاقتها بالفاشية. فالليبرالية، ابنة عصر الاستنارة، تدور حول المصلحة الآنية والعقل الذاتي (الأداتي) ويتم التناسق في المجتمع من خلال اليد الخفية التي لا يتحكم فيها أحد، والتي تتجلى بشكل متبلور في السوق وآليات العرض والطلب والبيع والشراء، أي أن ثمة غياباً كاملاً لأي إدراك للإمكانيات الإنسانية الكامنة وللغائية الإنسانية. ولذا، فإن العلوم الطبيعية والحسابات الكمية الصارمة تسيطر دون اعتبار لما هو إنساني. وحينما يدخل المجتمع الليبرالي مرحلة الأزمة، تحل الدولة محل اليد الخفية وتستمر في إدارة المجتمع بنفس الطريقة دون أي اعتبار لأية غائية إنسانية، ويسيطر العقل الأداتي تماماً. فآليات السوق ليست السبب في تَحوُّل الليبرالية إلى فاشية، ولكن السبب الحقيقي هو هيمنة العلوم الطبيعية والمنطق الكمي. وبهذا المعنى، فإن الفاشية كامنة في الليبرالية وكلاهما كامن في فكر حركة الاستنارة.