للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتُستخدَم العبارة للإشارة إلى تلك الاتجاهات في الحضارة الحديثة التي تُجرِّد الإنسان من إنسانيته وتَحوِّله إلى شيء ضمن الأشياء، أي تستوعبه وتُسلِّعه وتُنكر عليه حرية الاختيار والمقدرة على التجاوز وتحقيق كليته الإنسانية المركبة المتجاوزة للحتميات الطبيعية المادية وللأنماط الطبيعية المتكررة.

ورغم أن الكلمة تتواتر في العلوم الاجتماعية الغربية لوصف جانب مهم من حياة الإنسان في العصر الحديث، فإنها تظهر بشكل واضح في الأدب والنقد الأدبي. فقد رصد الأدب الحداثي بعناية فائقة الكيفية التي يتحول بها الإنسان إلى ما هو دون الإنسان في "الأرض الخراب" التي تكِّون العصر الحديث.

أما في النقد الأدبي، فالموضوع أكثر تواتراً. وقد لاحظ لوكاتش ما سماه بسقوط الذات المتكاملة وسقوط الشخصية في الأدب، وهو ما يعبِّر عن تزايد معدلات تجريد الإنسان من خصائصه الإنسانية. فالشخصيات الأدبية في القرن التاسع عشر شخصيات لها سمات فريدة متكاملة تتطور فرديتها من خلال التفاعل الاجتماعي، أما شخصيات الأدب الحداثي فهي تعيش في عزلة كاملة بين عناصر مجردة متصارعة لا يستطيع الإنسان التحكم فيها أو تواجه ألغازاً لا حل لها أو عالماً عبثياً لا معنى له. ويُلاحظ لوكاتش أن الشخصية في الفن التعبيري والتكعيبي يتم تفكيكها ثم يعاد تركيبها على أسس هندسية ولكنها تختفي تماماً في الفنون التجريدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>