» القانون الدولي العام» عبارة تتواتر في كلٍّ من الكتابات الصهيونية ومؤلفات هرتزل، وكلمة «دولي» في معناها المعجمي تعني «عالمي» أو «يختص بكل الدول» ، ولكننا إن قرأناها في سياقها في كثير من النصوص الغربية المكتوبة في القرن التاسع عشر، فإننا سنكتشف أنها تعني «غربي» ، ومن ثم فإن عبارة «القانون الدولي العام» تعني «القانون الغربي السائد آنذاك» ، وهو القانون الاستعماري الذي تم بمقتضاه تقسيم العالم بين الدول الغربية. ومن المصطلحات المرادفة، مصطلح «قانون الأمم» ، أو «قانون الأمم المتحضرة» ، وهو بدوره يعني «قانون أمم الغرب» ، أي «القانون الاستعماري» .
وقد كان هرتزل والصهاينة يتحركون في إطار الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية وواقع الإمبريالية الغربية (كحقيقة تاريخية سياسية) ، وهذه الإمبريالية هي التي قامت بتقسيم العالم فيما بينها. ومن هذا المنظور، يصبح الغرب مركز العالم، وتصبح الحضارة الغربية قمة التطور الإنساني، وكل الظواهر والقوانين هي محاولات متعثرة للوصول للحالة الغربية، والإنسان الغربي الأبيض في القرن التاسع عشر هو الإنسان الذي يجسد قمة التطور. ولذا، يصبح كل شيء غير غربي هامشياً، وما هو غربي وحده هو الحقيقي والتاريخي والمركزي، وإذا كان العالم هو الغرب فإن القانون الغربي يكون بالتالي هو القانون الدولي. ومن هنا كانت الصهيونية تُسمِّي نفسها «الصهيونية العالمية»(ومازلنا نتحدث عن «المغني العالمي» ـ خوليو مثلاً ـ ونحن نعني «المغني الغربي» ، أو نقول «له سمعة عالمية» ونحن نعني «سمعة في العالم الغربي» وهكذا) .