١ ـ يروِّج الصهاينة أنفسهم لأسطورة اللوبي ويرسخونها في الأذهان. فكان وايزمان يتصور أن وعد بلفور قد مُنح لليهود بسبب اكتشاف الأسيتون، وكان اليهود يتصورن أن أول مندوب سامي بريطاني في فلسطين بعد فرض الانتداب، سير هربرت صمويل، هو أول ملك يهودي لفلسطين بعد هدم الهيكل! وقد ألقى أحد الحاخامات في معبد يهودي في واشنطن مؤخراً موعظة بدأها بالعبارة التالية:"الولايات المتحدة لم تَعُد حكومة للأغيار (أي غير اليهود) بل هي إدارة يشارك فيها اليهود بشكل كامل على كل المستويات". ولا شك في أن الصهاينة يستفيدون من مثل هذه الشائعات والأساطير، فهي تضفي عليهم أهمية لا يستحقونها، وتنسب لهم قوة تزيد وزنهم وهو ما يُحسِّن وضعهم التفاوضي. وقد عششت أسطورة اللوبي اليهودي والصهيوني في رؤوس بعض أعضاء النخب الحاكمة العربية، حتى أنهم يُحدِّدون سياساتهم انطلاقاً منها وتأسيساً عليها.
٢ ـ نجحت الدولة الصهيونية الوظيفية في إنجاز مهمتها باعتبارها قاعدة عسكرية رخيصة وحارساً للمنطقة العربية، وقد دعَّم هذا من رواج أسطورة اللوبي. ويمكن القول بأن ثمة علاقة طردية بين قوة اللوبي الصهيوني وضعف العرب، فكلما ازداد العرب ضعفاً وغياباً ازداد اللوبي الصهيوني قوة وحضوراً وزاد تلاحم المصالح الغربية والمصالح الصهيونية. ولكن لو زادت تكلفة إسرائيل (من خلال المقاومة والمقاطعة والجهاد) لأعادت الولايات المتحدة حساباتها، ولأصبحت هذه الحسابات أكثر رشداً (من وجهة نظرنا) ولما استمرت الولايات المتحدة في انحيازها، ولما ازداد منحنى التحيز انحناءً لصالح إسرائيل.