إن توافق المصالح، وتوافق الإدراك الغربي والصهيوني، هو سر نجاح إسرائيل الإعلامي ومصدر قوة اللوبي الصهيوني وليس العكس، وهي العوامل التي تحدد في نهاية الأمر السلوك الغربي. فالإعلام واللوبي الصهيوني لا يستمدان قوتهما من كفاءة الصهاينة وإنما من أن إسرائيل وجدت لنفسها مكاناً داخل الإستراتيجية الغربية، ولأنها جعلت نفسها أداة طيعة رخيصة كفئاً لتحقيق هذه الإستراتيجية. وتحديد القضية على هذا النحو يعني أننا لا نقلِّل من أهمية اللوبي الصهيوني أو من مقدرته على تعبئة الرأي العام الأمريكي لصالح إسرائيل أو من فعاليته في التأثير على صانع القرار الأمريكي (وبخاصة في أمور الشرق الأوسط والصراع العربي ـ الإسرائيلي) . ولكننا مع هذا لا نفسر كل سلوك الغرب على أساسه، إذ تظل الأولويات الإستراتيجية التي حددها صانع القرار الغربي هي التي تفسر سلوكه. وإدراكنا لهذه الحقيقة سيُعمِّق إدراكنا للواقع وحركياته ويزيد مقدرتنا على التنبؤ والتصدي. إن النموذج التفسيري الذي نطرحه ليس مجرد تمرين أكاديمي، وإنما هو أمر أساسي في تحديد إستراتيجية التصدي لإسرائيل، وفي تحديد الأولويات.