والرواد جماعة من المستعمرين الاستيطانيين الذين يدورون في إطار الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة بعد مزجها بالديباجات الشعبوية الروسية الخاصة بالعودة للشعب العضوي (الفولك) والأرض ورفض الطموحات المادية والمصلحة الذاتية وإيثار العمل اليدوي، الذي قد يأتي بعائد مادي منخفض، عن الأعمال غير اليدوية التي قد تأتي بالنجاح المادي البورجوازي، ولذا فهم يحلمون بمجتمع جماعي اشتراكي مفعم بروح التعاون.
كان الرواد يرفضون حياة اليهود في العالم (الدياسبورا) كما خبروها في شرق أوربا، كما كانوا يرفضون الاندماج في مجتمعاتهم الأصلية. وقد ذهبوا إلى أنه لا يمكن حل المسألة اليهودية في شرق أوربا إلا على أساس عودة اليهود إلى فلسطين كي يطهروا أنفسهم عن طريق اقتحام الأرض والعمل والحراسة والإنتاج وتَعلُّم اللغة العبرية والتمسك بالتراث اليهودي. وقد ارتبطت حركة الريادة بالتنظيمات العسكرية الصهيونية ومزارع الكيبوتس (التي يُعَدُّ الانضمام لها ذروة تَحقُّق المثل الأعلى الريادي) ، فالريادة هي في نهاية الأمر الزراعة المسلحة التي تهدف إلى تحقيق الاستيطان الإحلالي في فلسطين على حساب الفلسطينيين. وبالتالي، فإن الزراعة المسلحة التي يعمل بها الرواد هي في واقع الأمر الطريقة الصهيونية لتجنيد بعض الشباب اليهودي الثوري من شرق أوربا وتحويلهم إلى مستوطنين يحلون محل الفلسطينيين.
وصورة الرائد هي الصورة التي شكَّلت الوجدان الصهيوني العمالي الاستيطاني. والمجتمع الإسرائيلي كان مجتمع مستوطنين يظنون أنفسهم رواداً حتى عام ١٩٦٧. وبعد ذلك التاريخ، تغيَّرت الصورة كثيراً. فمع تَزايُد معدلات العلمنة وتَصاعُد أزمة الصهيونية، تراجعت صورة الرائد التقليدية وحلت محلها صورتان: