للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأجر فأتى أهله بتمر فقال لامرأته استبدلى بهذا التمر طحينا فاجعليه سخينة لعلى أن آكله فإن التمر قد أحرق جوفي، فانطلقت فاستبدلت له ثم صنعت فأبطأت عليه فنام فأيقظته، فكره أن يعصى الله ورسوله وأبى أن يأكل وأصبح صائما، فرآه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالعشى فقال مالك يا أبا قيس أمسيت طليحا؟ (أى مهزولا) فقص عليه القصة. وكان عمر بن الخطاب وقع على جارية له في ناس من المؤمنين لم يملكوا أنفسهم، فلما سمع عمر كلام أبي قيس رهب أن ينزل في أبي قيس شئ فتذكر هو فقام فاعتذر إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله إنى أعوذ بالله إنى وقعت على جاريتى ولم أملك نفسى البارحة. فلما تكلم عمر تكلم أولئك الناس، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما كنت جديرًا بذلك يابن الخطاب، فنسخ ذلك عنهم فقال {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} يقول إنكم تقعون عليهن خيانة {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} يقول جامعوهنّ، ورجع إلى أبي قيس فقال {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والبخاري والنسائي في الصيام والترمذي في التفسير وقال حديث حسن صحيح

باب نسخ قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

أي في بيان رفع حكم هذه الآية يعنى بالآية التى بعدها: والنسخ لغة الإبطال والإزالة. وشرعا رفع حكم شرعيّ بدليل آخر، وجائز عقلا وواقع شرعا بالإجماع

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نَا بَكْرٌ يَعْنِى ابْنَ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كَانَ مَنْ أَرَادَ مِنَّا أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِىَ فَعَلَ حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِى بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا.

(ش) (عمرو بنُ الحارث) بنُ يعقوب الأنصارى. و (بكير) مصغرا ابن عبد الله بن الأشج و (يزيد مولى سلمة) هو ابن أبي عبيد

(قوله وعلى الذين يطيقونه فدية الخ) فدية مبتدأ مؤخر خبره الجار والمجرور قبله، وطعام بدل من فدية، أى ويجب على الذين يقدرون على الصوم ولا عذر لهم من سفر ونحوه إن أفطروا أن يطعموا عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من برّ أو صاعا من غيره عند الحنفية، ومدًّا عند الجمهور، وذلك أنه لما شق عليهم صوم رمضان رخص لهم هذه الآية في الإفطار مع القدرة

<<  <  ج: ص:  >  >>