للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيتعجبون منه جدًا, ولو أنه سكت ولم يتكلم بما يصرف الخواطر إلى ضد ما يريد أن يعمله، ولم تتحرك النفوس والأوهام إلى غير ما يريد إخراجه لفطن الناظرون لكل ما يفعله. قال: وكلما كانت الأحوال تفيد حسنَ البصر نوعًا من أنواع الخلل أشد، كان العمل أحسن؛ مثل أن يجلس المشعبذ في موضع مضيء جدًا أو مظلم، فلا تقف القوة الناظرة على أحوالها بكلالها والحالة هذه. اهـ منه. ولا يخفى أن يكون سحر سحرة فرعون من هذا النوع؛ فهو تخييل وأخذ بالعيون كما دل عليه قوله تعالى: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (٦٦)} فإطلاق التخييل في الآية على سحرهم نص صريح في ذلك. وقد دل على ذلك أيضًا قوله في "الأعراف": {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} الآية؛ لأن إيقاع السحر على أعين الناس في الآية يدل على أن أعينهم تخيلت غير الحقيقة الواقعة، والعلم عند الله تعالى.

النوع الخامس من أنواع السحر: الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب الآلات المركبة على النسب الهندسية، كفارس على فرس في يده بوق، فلما مضت ساعة من النهار ضرب بالبوق من غير أن يمسه أحد. ومنها الصور التي يصورها الروم والهند حتى لا يفرق الناظر بينها وبين الإنسان، حتى إنهم يصورونها ضاحكة وباكية، حتى يفرق فيها بين ضحك السرور، وبين ضحك الخجل، وضحك الشامت.

فهذه الوجوه من لطيف أمور المخايل. قال الرازي: وكان سحر سحرة فرعون من هذا الضرب. ومن هذا الباب تركيب صندوق الساعات. ويندرج في هذا الباب علم جر الأثقال، وهو أن يجر