للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثقيلًا عظيمًا بآلة خفيفة سهلة، وهذا في الحقيقة لا ينبغي أن يعد من باب السحر لأن لها أسبابًا معلومة نفيسة، من اطلع عليها قدر عليها، إلا أن الاطلاع عليها لما كان عسيرًا عُدّ على الظاهر ذلك من باب السحر لخفاء مأخذه. اهـ.

وقد علمت أن الرازي يرى أن سحر سحرة فرعون من هذا النوع الأخير؛ لأن السحرة جعلوا الزئبق على الحبال والعصي فحركته حرارة الشمس فتحركت الحبال والعصي فظنوا أنها حركة طبيعية حقيقية. والذي يظهر لنا أنه من النوع الذي قبله كما قدمنا، ولا مانع من أن يتوارد نوعان على شيء واحد فيكون داخلًا في هذا وفي هذا. والله تعالى أعلم.

وقال ابن كثير رحمه الله بعد أن ذكر كلام الرازي الذي ذكرنا في هذا النوع من السحر. قلت: ومن هذا القبيل حيل النصارى على عامتهم بما يُرُونهم إياه من الأنوار، كقضية قمامة الكنيسة التي لهم ببيت المقدس، وما يحتالون به من إدخال النار خفية إلى الكنيسة، وإشعال ذلك القنديل بصنعة لطيفة تروج على الطغام منهم، وأما الخواص منهم فمعترفون بذلك، ولكن يتأولون أنهم يجمعون شمل أصحابهم على دينهم، فيرون ذلك سائغًا لهم، وفيهم شبه من الجهلة الأغبياء من متعبدي الكرامية الذين يرون جواز وضع الأحاديث في الترغيب والترهيب، فيدخلون في عداد من قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم: "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار"، وقوله: "حدثوا عني ولا تكذبوا علي، فإنه من يكذب علي يلج النار". ثم ذكرها هنا -يعني الرازي- حكاية عن بعض الرهبان، وهي أنه سمع صوت طائر حزين الصوت، ضعيف