للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيخين بروايات متعددة أخرجه أيضًا غيرهما، وهو صريح في أن أزواج النساء مأمورون على لسانه - صلى الله عليه وسلم - بالإِذن لهن في الخروج إلى المساجد إذا طلبن ذلك، ومنهيون عن منعهن من الخروج إليها.

وذكر بعض أهل العلم أن أمر الأزواج بالإِذن لهن في الروايات المذكورة ليس للإِيجاب، وإنما هو للندب، وكذلك نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن منعهن قالوا: هو لكراهة التنزيه، لا للتحريم.

قال ابن حجر في فتح الباري: وفيه إشارة إلى أن الإِذن المذكور لغير الوجوب؛ لأنه لو كان واجبًا لانتفى معنى الاستئذان؛ لأن ذلك إنما يتحقق إذا كان المستأذن مخيرًا في الإِجابة أو الرد.

وقال النووي في شرح المهذب: فإن منعها لم يحرم عليه هذا مذهبنا. قال البيهقي: وبه قال عامة العلماء. ويجاب عن حديث: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" بأنه نهي تنزيه؛ لأن حق الزوج في ملازمة المسكن واجب، فلا تتركه لفضيلة. اهـ.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي في هذه المسألة: أن الزوج إذا استأذنته امرأته في الخروج إلى المسجد، وكانت غير متطيبة، ولا متلبسة بشيء يستوجب الفتنة مما سيأتي إيضاحه إن شاء الله، أنه يجب عليها الإِذن لها، ويحرم عليه منعها للنهي الصريح منه - صلى الله عليه وسلم - عن منعها من ذلك، وللأمر الصريح بالإِذن لها، وصيغة الأمر المجردة عن القرائن تقتضي الوجوب، كما أوضحناه في مواضع من هذا الكتاب المبارك. وصيغة النهي كذلك تقتضي التحريم. وقد قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} وقال - صلى الله عليه وسلم - : "إذا أمرتكم بشيء