فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه" إلى غير ذلك من الأدلة، كما قدمنا.
وقول ابن حجر: إن الإِذن لا يتحقق إلَّا إذا كان المستأذن مخيرًا في الإِجابة والرد، غير مسلم، إذ لا مانع عقلًا، ولا شرعًا، ولا عادة من أن يوجب الله عليه الإِذن لامرأته في الخروج إلى المسجد من غير تخيير، فإيجاب الإِذن لا مانع منه، وكذلك تحريم المنع. وقد دل النص الصحيح على إيجابه فلا وجه لرده بأمر محتمل كما ترى.
وقول النووي. لأن حق الزوج في ملازمة المسكن واجب، فلا تتركه للفضيلة، لا يصلح لأن يرد به النص الصريح منه - صلى الله عليه وسلم - ، فأمره - صلى الله عليه وسلم - الزوج بالإِذن لها يلزمه ذلك، ويوجبه عليه، فلا يعارض بما ذكره النووي كما ترى.
وما ذكره النووي عن البيهقي: من أن عدم الوجوب قال به عامة العلماء غير مسلم أيضًا، فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه لما حدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديث الذي ذكرنا عنه في أمر الأزواج بالإِذن للنساء في الخروج إلى المساجد، وقال ابنه: لا ندعهن يخرجن، غضب وشتمه ودفع في صدره منكرًا عليه مخالفته لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - . وذلك دليل واضح على اعتقاده وجوب امتثال ذلك الأمر بالإِذن لهن.
قال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنكم إليها"