يخرجهم السلطان، أو نائبه، من عمالته بالكلية، وقال عطاء الخراساني، وسعيد بن جبير، وأبو الشعثاء، والحسن والزهري، والضحاك، ومقاتل بن حيان: إنهم ينفون ولا يخرجون من أرض الإسلام.
وذهب جماعة إلى أن المراد بالنفي في الآية السجن؛ لأنه نفي من سعة الدنيا إلى ضيق السجن، فصار المسجون كأنه منفي من الأرض إلا من موضع استقراره؛ واحتجوا بقول بعض المسجونين في ذلك:
خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها ... فلسنا من الأموات فيها ولا الأحيا
إذا جاءنا السجان يوماً لحاجة ... عجبنا وقلنا: جاء هذا من الدنيا
وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه. ولا يخفى عدم ظهوره.
واختار ابن جرير أن المراد بالنفي في هذه الآية أن يخرج من بلده إلى بلد آخر، فيسجن فيه. وروي نحوه عن مالك أيضاً. وله اتجاه؛ لأن التغريب عن الأوطان نوع من العقوبة، كما يفعل بالزاني البكر. وهذا أقرب الأقوال، لظاهر الآية؛ لأنه من المعلوم إنه لا يراد نفيهم من جميع الأرض إلى السماء! فعلم أن المراد بالأرض أوطانهم التي تشق عليهم مفارقتها. والله تعالى أعلم.
مسائل من أحكام المحاربين
المسألة الأولى: اعلم أن جمهور العلماء يثبتون حكم المحاربة في الأمصار والطرق على السواء؛ لعموم قوله تعالى:{وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً} وممن قال بهذا الأوزاعي، والليث بن سعد، وهو مذهب الشافعي، ومالك حتى قال في الذي يغتال الرجل فيخدعه،