للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَأَنَّهُنَّ رِبَابَةٌ وَكَأَنَّهُ ... يَسَرٌ يُفِيضُ عَلَى الْقِدَاحِ وَيَصْدَعُ «١»

وَالرِّبَابَةُ أَيْضًا: الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، قَالَ الشَّاعِرُ «٢»:

وَكُنْتُ امْرَأً أَفَضْتُ إِلَيْكَ رِبَابَتِي ... وَقَبْلَكَ رَبَّتْنِي فَضِعْتُ رُبُوبُ «٣»

وَفِي أَحْيَانٍ رُبَّمَا تَقَامَرُوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ يَغْرَمُ الثَّمَنَ مَنْ لَمْ يَفُزْ سَهْمُهُ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَيَعِيشُ بِهَذِهِ السِّيرَةِ فُقَرَاءُ الْحَيِّ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:

الْمُطْعِمُو الضَّيْفِ إِذَا مَا شَتَوْا ... وَالْجَاعِلُو الْقُوتِ عَلَى الْيَاسِرِ

وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ «٤»:

بِأَيْدِيهِمْ مَقْرُومَةٌ «٥» وَمَغَالِقُ ... يَعُودُ بِأَرْزَاقِ الْعُفَاةِ «٦» مَنِيحُهَا

وَ" الْمَنِيحُ" فِي هَذَا الْبَيْتِ الْمُسْتَمْنِحُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَعِيرُونَ السَّهْمَ الَّذِي قَدِ امَّلَسَ وَكَثُرَ فَوْزُهُ، فَذَلِكَ الْمَنِيحُ الْمَمْدُوحُ. وَأَمَّا الْمَنِيحُ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَغْفَالِ فَذَلِكَ إِنَّمَا يُوصَفُ بِالْكَرِّ، وَإِيَّاهُ أَرَادَ الْأَخْطَلُ «٧» بِقَوْلِهِ:

وَلَقَدْ عَطَفْنَ عَلَى فَزَارَةَ عَطْفَةً ... كَرَّ الْمَنِيحِ وَجُلْنَ ثَمَّ مَجَالَا

وَفِي الصِّحَاحِ:" وَالْمَنِيحُ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْمَيْسِرِ مِمَّا لَا نَصِيبَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُمْنَحَ صَاحِبُهُ شَيْئًا". وَمِنَ الْمَيْسِرِ قَوْلُ لَبِيدٍ «٨»:


(١). يفيض: يدفع، ومنه الإفاضة. وصدعت الشيء: أظهرته وبينته.
(٢). هو علقمة بن عبدة، كما في ديوانه.
(٣). ربتني أي ملكتني أرباب من الملوك فضعت حتى صرت إليك. والربوب (جمع رب): المالك.
(٤). هو عمر بن قميئة، كما في تاج العروس واللسان، مادة" غلق".
(٥). المقرومة: الموسومة بالعلامات. والمغالق قداح الميسر. وقيل: المغالق من نعوت قداح الميسر التي يكون لها الفوز، وليست المغالق من أسمائها، وهى التي تغلق الخطر فتوجبه للمقامر الفائز، كما يغلق الرهن لمستحقه. (عن اللسان).
(٦). كذا في الأصول. والعفاة: الأضياف وطلاب المعروف. والذي في اللسان وتاج العروس:" العيال".
(٧). في الأصول:" جرير" والتصويب عن ديوان الأخطل. والبيت من قصيدة يهجو بها جريرا مطلعها:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط

راجع ديوانه ص ٤١ طبع بيروت.
(٨). كذا في الأصول. والذي في كتاب" الميسر والقداح" لابن قتيبة والمفضليات أنه للمرقش الأكبر، وهو من قصيدة له، مطلعها:
ألا بان جيراني ولست بعائف

راجع المفضليات ص ٤٧٤ طبع أوربا.