للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا انفك من مفصله؛ والمعنى: أنهم متشبثون بدينهم لا يتركونه إلاّ عند مجيء البينة. و (البينة) الحجة الواضحة. و (رَّسُولٌ) بدل من البينة (١).

وقال الفراء: " ويصدق ذلك: قوله عز وجل: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} (٢) " (٣).

وأعجب هذا القول ابن عاشور حيث قال فيه: " وهذا تعريض بالتوبيخ بأسلوب الإِخبار المستعمل في إنشاء التعجيب أو الشكايةِ من صَلَف المُخبر عنه، وهو استعمال عزيز بديع وقريب منه قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} (٤) إذ عَبَّر بصيغة يَحْذَر وهم إنما تظاهروا بالحذر ولم يكونوا حاذرين حقاً ولذلك قال الله تعالى:

{قُلِ اسْتَهْزِئُوا} " (٥).

وذكر ابن عاشور أن هذا القول تؤيده آية أخرى وهو قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ


(١) الكشاف / الزمخشري، ج ٦، ص ٤١١.
(٢) سورة البينة، الآية (٤).
(٣) معاني القرآن / الفراء، ج ٣، ص ٢٨١.
(٤) سورة التوبة، الآية (٦٤).
(٥) التحرير والتنوير، ج ١٥، ص ٤٧١.

<<  <   >  >>