للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة أصحاب القول الثاني الذين يرون أن الآية نزلت في المنافقين:

استدل أصحاب هذا القول بما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - من قوله في: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} قال: كان المنافقون يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حيوه: سام عليك، قال الله: "حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير " (١).

ورجح ابن عاشور هذا القول فقال: " وليس المراد من هذه الآية ما ورد في حديث: أن اليهود كانوا إذا حيّوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: السّامّ عليك، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرد عليهم بقوله: «وعليكم». فإن ذلك وارد في قوم معروف أنهم من اليهود. وما ذكر أول هذه الآية لا يليق حمله على أحوال اليهود ... ولو حمل ضمير (جاءوك) على اليهود لزم عليه تشتيت الضمائر (٢).

القول الراجح

الذي يبدو لي والله أعلم أن المخاطب في هذه الآية هم اليهود والمنافقون , كما ذهب إليه معظم المفسرين، وأما اختيار ابن عاشور: نلحظ منه مدى حضور قاعدة (القول المبني على مراعاة النظم وظاهر ترتيب الكلام أولى من غيره) في تفسيره فبالرغم من اتفاق النقلة على أن الآية نزلت في اليهود إلا ابن عاشور يرى أن هذه الآية نزلت في المنافقين ويؤكد ذلك بقوله: " وما ذكر أول هذه الآية لا يليق حمله على أحوال اليهود، ولو حمل ضمير


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، ج ٧، ص ٤٧٩.
(٢) التحرير والتنوير، ج ١٣، ص ٣١.

<<  <   >  >>