اللذان وضعت بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار، يغضب لغضبه السماوات والأرض والجبال والبحار؛ فإن أمرت السماء حصبته، وإن أمرت الأرض ابتلعته، وإن أمرت الجبال دمرته، وإن أمرت البحار غرقته، ولكنه هان عليَّ، وسقط من عيني، ووسعه حلمي، واستغنيت بما عندي، وحق لي، إني أنا الغني؛ لا غني غيري، فبلِّغْه رسالاتي، وادْعُه إلى عبادتي وتوحيدي، وإخلاص اسمي، وذكره بأيامي، وحذِّرْه نقمتي وبأسي، وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي، وقل له فيما بين ذلك {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه: ٤٤] وأخبره أنِّي إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة، ولا يرُوعَنَّك ما ألبسته من لباس الدنيا؛ فإن ناصيته بيدي، ليس يطرف، ولا ينطق، ولا يتنفس إلا بإذني، قل له: أجب ربك؛ فإنه واسع المغفرة، وإنه قد أمهلك أربعمائة سنة، وفي كلها أنت مبارز لمحاربته، تشبه وتمثل به، وتصد عباده عن سبيله، وهو يمطر عليك السماء، وينبت لك الأرض، لم تسقم، ولم تهرم، ولم تفتقر، ولم تُغْلَب، ولو شاء أن يعجل ذلك لك، أو يَسْلُبَكَه فعل، ولكنه ذو أناة وحلم عظيم، وجاهده بنفسك وأخيك، وأنتما محتسبان لجهاده، فإني لو شئت أن آتيه بجنود لا قبل له بها لفعلت، ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف، الذي قد أعجبته نفسه وجموعه أن الفئة القليلة -ولا قليل مني- تغلب الفئة الكثيرة بإذني، ولا يعجبكما زينته، ولا ما متع به، ولا تمدان إلى ذلك أعينكما؛ فإنها زهرة الحياة الدنيا، وزينة المترفين، وإني لو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة يعلم فرعون حين ينظر إليها أن مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما فعلت، ولكني أرغب بكما عن ذلك، وأزويه عنكما، وكذلك