(وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) يعني: أنهم أهلكوا في عهد قريب من عهدكم، فهم أقرب الهالكين منكم. أولا يبعدون منكم في الكفر والمساوى وما يستحق به الهلاك.
فان قلت: ما لـ"بعيد" لم يرد على ما يقتضيه "قوم" من حمله على لفظه أو معناه؟ قلت: إما أن يراد: وما إهلاكهم ببعيد، أو ما هم بشيء بعيد أو بزمان أو مكان بعيد. ويجوز أن يسوى في "قريب" و"بعيد"، و"قليل" و"كثير"، بين المذكر والمؤنث لورودها على زنة المصادر التي هي الصهيل والنهيق ونحوهما.
(رَحِيمٌ وَدُودٌ) عظيم الرحمة للتائبين، فاعل بهم ما يفعل البليغ المودّة بمن يودّه، من الإحسان والإجمال.
الضمير في "منها": للراحلة، أي: لا يمنعها من الشرب إلا أنها سمعت صوت حمامة، فنفرت، يريد أنها حديدة الحس فيها فزع وذعر لحدة نفسها، وذلك محمود فيها، "الأوقال": جمع وقل، وهي كالحجارة، أي: غصون نابتة بأرض ذات أحجار، وقيل: الوقل: شجر المقل.
قوله: (ما لـ "بعيد" لم يرد على ما يقتضيه "قوم" من حمله على لفظه أو معناه): لأن لفظ "قوم" يقتضي "ببعيدة"، لأن "القوم" مؤنث، لقوله تعالى:(كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ)[الشعراء: ١٠٥]، ومعناه يقتضي "ببعداء"، لأنه اسم جمع، فعلم من كلامه أن الأصل في "القوم" أن يؤنث، وإذا حمل على التذكير يؤول، وبخلافه قال الجوهري، وهو أن "القوم يذكر ويؤنث، لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت للآدميين تذكر وتؤنث، مثل: رهط ونفر وقوم، قال تعالى:(وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ)[الأنعام: ٦٦] ".
قوله:(البليغ المودة): الود: محبة الشيء وتمني كونه، ويستعمل في كل من المعنيين، على