كالحضرمي وأشباهه. (مِنْ بَعْدِها): من بعد هذه الأفعال؛ وهي الهجرة والجهاد والصبر. (يَوْمَ تَاتِي) منصوب بـ (رحيم). أو بإضمار: اذكر. فإن قلت: ما معنى النفس المضافة إلى النفس؟ قلت: يقال لعين الشيء وذاته: نفسه، وفي نقيضه غيره، والنفس: الجملة كما هي، فالنفس الأولى: هي الجملة، والثانية عينها وذاتها، فكأنه قيل: يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته لا يهمه شأن غيره، كل يقول: نفسي نفسي.
قوله:(كالحضرمي وأشباهه)، بيان للفاعل في"عذبوا"، فإن الحضرمي كما سبق في "الكشاف" عذب عبده جبراً وأكرهه على الكفر، ثم أسلم الحضرمي.
قوله:((مِنْ بَعْدِهَا) من بعد هذه الأفعال، وهي الهجرة والجهاد والصبر)، بناء على أن الثانية ليست بتكرير، وعلى قول أبي البقاء: التقدير (إِنَّ رَبَّكَ) من بعد الفتنة والجهاد والصبر.
قوله:((يَوْمَ تَاتِي): منصوب بـ (رَّحِيمُ) أو بإضمار: اذكر)، والأول أدخل في تأليف النظم، ليقابل قوله:(لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الأَخْسَرُونَ)[النحل: ١٠٩].
قوله:(فكأنه قيل: يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته)، قال صاحب "الفرائد": المغايرة شرط بين المضاف والمضاف إليه لامتناع النسبة بدون المنتسبين، فلذلك قالوا: يمتنع إضافة الشيء إلى نفسه، إلا أن المغايرة قبل الإضافة كافية، وهي محققة هاهنا؛ لأن من مطلق النفس لا يلزم نفسك، ومن نفسك يلزم النفس، فلما أضيف ما لا يلزم أن يكون نفسك إلى نفسك، ومن نسك يلزم النفس، فلما أضيف ما لا يلزم أن يكون نفسك إلى نفسك صحت الإضافة، وإن اتحدتا بعد الإضافة، فلهذا جاز "عين الشيء"، و"نفس الشيء"، و"كل الشيء"، ونحوها، ولما لم تكن المغايرة قبل الإضافة في الأسد والليثن والحبس والمنع، لم يجز: أسد الليث: وحبس المنع، وإنما قلنا: إن الاتحاد بعد الإضافة لا