وذلك إشارة إلى مبهم يفسره:(هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ)، ونحوه:(وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ)[الحجر: ٦٦]، وقرأ الحسن:(وهو على هين)، ولا يخرج هذا إلا على الوجه الأول، أي: الأمر كما قلت، وهو على ذلك يهون على. ووجه آخر: وهو أن يشار بذلك إلى ما تقدم من وعد الله، لا إلى قول زكريا. و «قال» محذوف في كلتا القراءتين؛ أي: قال هو علىّ هين، قال وهو علىّ هين، وإن شئت لم تنوه؛ لأن الله هو المخاطب، والمعنى: أنه قال ذلك ووعده وقوله الحق. (شَيْئاً) لأن المعدوم ليس بشيء. أو شيئا يعتدّ به، كقولهم: عجبت من لا شيء، وقوله:
فإن قلت: كيف موقع "قال" الأولى إذا كان المشار إليه وعد الله؟ قلت: استئناف أيضاً، وذلك أنه تعالى لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه بشر زكريا بالولد، ثم أخبر عن تعجيب زكريا من ذلك، سأل سائل: بماذا أخبر الله تعالى نبيه؟ أجاب: قال: قال ربك إلخ، إذ لا يحسنُ أن يُقال: قلتُ: قال: (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ)، فوضع موضع المضمر المظهر، وهو (رَبُّكِ) للإشعار بأن قول ربك حق ووعده صدق، وهو المراد من قوله:"والمعنى: انه قال ذلك ووعده وقوله الحق"، و"قوله الحق" تذييلٌ، كقولهم: فلانٌ ينطق بالحق والحق أبلج.
قوله:(عجبت من لا شيء) يجوز فيه الفتح، وهو ظاهرٌ، والجر وفيه وجهان، أحدهما: أن تكون "لا" زائدة لفظاً لا معنى، أي: لا تكون عاملة في اللفظ، ويكون مراده من حيث المعنى، فتكون صورتها صورة الزيادة، ومعنى النفي فيه: كقول النابغة: