للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أى ليعلموا أن تمكين الشيطان من الإلقاء: هو الحق من ربك والحكمة (وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا) إِلى أن يتأوّلوا ما يتشابه في الدين بالتأويلات الصحيحة، ويطلبوا لما أشكل منه المحمل الذي تقتضيه الأصول المحكمة والقوانين الممهدة، حتى لا تلحقهم حيرة ولا تعتريهم شبهة ولا تزلّ أقدامهم. وقرئ: "لهاد الذين آمنوا"، بالتنوين.

[(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَاتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَاتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ)].

الضمير في (مِرْيَةٍ مِنْهُ) للقرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم. "اليوم العقيم": يوم بدر، وإنما وصف يوم الحرب بالعقيم لأنّ أولاد النساء يقتلون فيه، فيصرن كأنهن عقم لم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الظَّالِمِينَ) بـ (الَّذِينَ آمَنُوا)، وقوله: (لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) بقوله: (إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).

قوله: (الضمير في (مِرْيَةٍ مِنْهُ) للقرآن، أو للرسول صلى الله عليه وسلم)، ويجوز أن يكون لـ (مَا يُلْقِي)، وقوله: (الَّذِينَ كَفَرُوا) وُضع موضع المضمر، أي: لا يزالون في مريةٍ وهم الشاكون الذين في قولهم مرضٌ، بدليل قوله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) المنافقون والشاكون.

قوله: (وإنما وُصف يوم الحرب بالعقيم)، إلى آخره، علل تفسير وصف اليوم بالعقيم على وجوه.

أحدها: أنه على الإسناد المجازي، أسند العقيم إلى اليوم، لكونه صفته، على نحو قوله تعالى: (يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً) [المزمل: ١٧]. أصله: يجعلُ الله الولدانَ في ذلك اليوم شيباً، فالمعنى: يومٌ يعقم الله النساء فيه، أي: يصرن ثكلى، فأسند "العقيم" إلى "اليوم" مبالغةً، كقولك: نهاره صائم، وليله قائم، ولما أن العقيم بمعنى ثكلى في هذا الوجه قيل: "كأنهن عقمٌ".

وثانيها: أنه من باب الاستعارة المكنية، فالمستعارُ له اليومُ، والمستعارُ منه المرأة، والجامعُ: فقدانُ النتيجة، وكما أن المرأة إذا فقدتِ الولدَ وُصفت بالعقم، أي: الثكل، كذلك اليوم إذا فُقِدَ فيه المحاربونَ يوصفُ بالعُقْم كأنهُ أمُّهم، ومثلُه قولهم: ابنُ اليوم، وأبناءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>