للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما جمعتهم المهاجرة في سبيل الله سوّى بينهم في الموعد، وأن يعطى من مات منهم مثل ما يعطى من قتل تفضلا منه وإحسانا. والله عليهم بدرجات العاملين ومراتب استحقاقهم.

(حَلِيمٌ) عن تفريط المفرط منهم بفضله وكرمه. روى أن طوائف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنهم قالوا: يا نبى الله، هؤلاء قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير، ونحن نجاهد معك كما جاهدوا، فما لنا إن متنا معك؟ فأنزل الله هاتين الآيتين.

[(ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) ٦٠].

تسمية الابتداء بالجزاء لملابسته له من حيث إنه سبب وذاك مسبب عنه كما يحملون النظير على النظير والنقيض على النقيض للملابسة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (تسميةُ الابتداء بالجزاء)، المراد بالابتداء قوله: (عُوقِبَ بِهِ)، وبالتسمية: تسميته عقاباً؛ لأن ابتداء الفعل لا يسمى عقاباً؛ لأن العقاب من العقب، وهو أن يعقب الفعل الأول، ونحوه قولهم: كما تدين تُدان، كما تُجازي تُجازَى، أي: كما تفعلُ تُجازي.

قال الزجاجُ: الأولُ لم يكن عقوبةً، وإنما العقوبةُ: الجزاءُ، ولكنه سُمي عقوبةً؛ لأن الفعل الذي هو عقوبةٌ كان جزاء، فسمى الأول الذي جُوزي به عقوبةً؛ لاستواء الفعلين في جنس المكروه، كقوله تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) [الشورى: ٤٠]، فالأول سيئة، والمجازاةُ عليها حسنةٌ، إلا أنها سميت سيئةً بأنها وقعت إساءة بالمفعول به؛ لأنه فعل به ما يسوؤه.

<<  <  ج: ص:  >  >>