للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصفتين. أو دلّ بذكر العفو والمغفرة على أنه قادر على العقوبة. لأنه لا يوصف بالعفو إلا القادر على ضدّه.

[(ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) ٦١].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموجب، وعلى هذا (لَيَنصُرَنَّهُ): خبرُ "مَنْ" كما قاله أبو البقاء وصاحبُ "الكشف"؛ فإنه تعالى لما قال: (لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ)، اتجه لسائل أن يسأل: لماذا ينصره؟ قال: لأن الله لعفو غفور، وكان من الظاهر أن يقال: إن الله ينصر المظلومين، فعرض بهاتين الصفتين على سبيلا لكناية التلويحية؛ لأنه أشار إلى المطلوب من بُعد، يعني: أنه تعالى مع كمال قدرته وغلبة سلطانه لما كان متصفاً بهذين الوصفين، كان من الواجب على المعاقب مع عجزه التخلقُ بأخلاق الله تعالى من العفو عن الجاني، وإليه الإشارة بقوله: "يلوح به بذكر هاتين الصفتين".

قوله: (أو دل بذكر العفو والمغفرة على أنه قادرٌ)، هذا أيضاً، على أن يكون (إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ) تعليلاً للموعد بالنصرة، كأنه قيل: لينصرنه الله؛ لأنه قادرٌ على النصرة فيعاقبُ الظالم. قال الإمام: نزلت في قوم من المشركين لقوا قوماً من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم فقالوا: إن أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم يكرهون القتال في الشهر الحرام فاحملوا عليهم، فناشدهم المسلمون بأن يكفوا عن قتالهم، لحرمة الشهر، فأبوا فقاتلوهم فثبت المسلمون فنُصروا، فوقع في أنفسهم من القتال في الشهر الحرام، فأنزل الله الآية. فعلى هذا لا يردُ سؤالُ كيفية المطابقة، ويكونُ أوفق لتأليف النظم، وذلك أن لفظة (ذَلِكَ) فصلُ الخطاب، وقوله: (ومن عاقب) شروعٌ في قصةٍ أخرى لأولئك السادة بعد قوله: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا).

<<  <  ج: ص:  >  >>