للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حقا وجدا. ومنه (حَقَّ جِهادِهِ). فإن قلت: ما وجه هذه الإضافة، وكان القياس: حق الجهاد فيه. أو حق جهادكم فيه، كما قال (وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ)؟ قلت: الإضافة تكون بأدنى ملابسة واختصاص، فلما كان الجهاد مختصا بالله من حيث إنه مفعول لوجهه ومن أجله، صحت إضافته إليه. ويجوز أن يتسع في الظرف كقوله:

ويوما شهدناه سليما وعامرا

(اجْتَباكُمْ) اختاركم لدينه ولنصرته (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ومنه: (حَقَّ جِهَادِهِ) قال القاضي: معنى (حَقَّ جِهَادِهِ) جهاداً فيه حقاً خالصاً لوجهه، فعُكس وأضيف الحقُّ إلى الجهاد مبالغةً. يعني: أصلُ المعنى: وجاهدوا في الله جهاداً حقاً، فهو يفيد أن هناك جهاداً واجباً، والمطلوب منهم الإتيان به، فإذا عُكس وأضيف الصفةُ إلى الموصوف بعد الإضافة إلى الله تعالى أفاد إثبات جهادٍ مختص بالله تعالى، والمطلوب القيام بموجبه وشرائطه على وجه التام والكمال بقدر الوسع والطاقة. قال المصنف في قوله تعالى: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) [آل عمران، ١٠٢]: (حَقَّ تُقَاتِهِ) واجب تقواه: ما يحق منها، وهو القيام بالواجب، واجتنابُ المحارم، يريدُ: بالغوا في التقوى حتى لا تتركوا من المستطاع منها شيئاً". وفي قوله: "عالمٌ جداً" إيماءٌ إلى هذا المعنى أي: هو عالمٌ مبالغٌ في العلم جداً، ولا يترك من الجهد المستطاع منه شيئاً. فقوله: "أي: عالمٌ حقاً وجداً" تأويلٌ باعتبار المبالغة والتوكيد.

قوله: (ويوم شهدناهُ سليماً وعامراً)، تمامه:

قليلٌ سوى الطعن النهال نوافله

النهالُ: الرماحُ الأسلُ: الناهل؛ أي: تروى منه الرماحُ العطاش، نهل؛ أي: شرب، وهوالشرب الأول، نوافلٌ: فاعل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>