لتفعلن هذا شئت أو أبيت، ولتفعلنه طوعًا أو كرهًا. وانتصابهما على الحال، بمعنى: طائعتين أو مكرهتين. فإن قلت: هلا قيل: طائعتين، على اللفظ؟ أو طائعات على المعنى. لأنها سماوات وأرضون! قلت: لما جعلن مخاطبات ومجيبات، ووصفن بالطوع والكره؛ قيل: طائعين، في موضع: طائعات، نحو قوله:{سَّاجِدِينَ}[يوسف: ٤]. {فَقَضاهُنَّ}: يجوز أن يرجع الضمير فيه إلى السماء على المعنى، كما قال:{طائِعِينَ}، ونحوه:{أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ}[الحاقة: ٧]، ويجوز أن يكون ضميرًا مبهمًا مفسرًا بـ {سَبْعِ سَموَاتٍ}، والفرق بين النصبين: أن أحدهما على الحال، والثاني على التمييز. قيل: خلق الله السماوات وما فيها في يومين، في يوم الخميس والجمعة، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة، فخلق آدم، وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة. وفي هذا دليل على ما ذكرت، من أنه لو قيل: في يومين في موضع (أربعة أيام سواء)، لم يعلم أنهما يومان كاملان أو ناقصان. فإن قلت: فلو قيل: خلق الأرض في يومين كاملين وقدر فيها أقواتها في يومين كاملين! أو قيل بعد ذكر اليومين: تلك أربعة سواء! قلت: الذي أورده سبحانه أخصر وأفصح وأحسن، طباقًا لما عليه التنزيل من مغاصاة القرائح ومصاك الركب؛ ليتميز الفاضل من الناقص، والمتقدم من الناكص، وترتفع الدرجات، ويتضاعف الثواب. {أَمْرَها}: ما أمر به فيها ودبره من خلق الملائكة والنيرات وغير ذلك. أو شأنها وما يصلحها. {وَحِفْظًا}: وحفظناها
قوله:(والفرق بين النصين)، أي: في قوله: "سبع سماوات" وذلك أن الضمير في "فقضاهن" إذا رجع إلى السماء على المعنى كائنة سبع سماوات أو متعددة سبع سماوات، وإذا كان الضمير مبهمًا كان "سبع سماوات" نصبًا على التمييز والتفسير، نحو: ربه رجلًا.
قوله:(من مغاصات القرائح)، مغاصات: جمع الغوص على غير قياس؛ أو جمع المغاص من المصدر الميمي لاختلاف أنواعه، وكذا المصاك جمع مصك.
قوله:(أو شأنها) عطف على قوله: "ما أمر به" والأمر على الأول: مصدر؛ بمعنى