للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هي أحسن. وقيل: {وَلَا} مزيدة، والمعنى: ولا تستوي الحسنة والسيئة. فإن قلت: فكان القياس على هذا التفسير أن يقال: ادفع بالتي هي حسنة! قلت: أجل، ولكن وضع "التي هي أحسن" موضع الحسنة؛ ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة؛ لأنّ من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما هو دونها. وعن ابن عباس: {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}: الصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة. وفسر الحظ بالثواب. وعن الحسن: والله ما عظم حظ دون الجنة. وقيل: نزلت في أبي سفيان بن حرب، وكان عدوًا مؤذيًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فصار وليًا مصافيًا.

[{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ٣٦]

النزغ والنسغ بمعنى، وهو شبه النخس. والشيطان ينزغ الإنسان كأنه ينخسه ببعثه على ما لا ينبغي. وجعل النزغ نازغًا، كما قيل: جد جدّه. أو أريد: وإما ينزغنك نازغ؛ وصفًا للشيطان بالمصدر. أو لتسويله. والمعنى: وإن صرفك الشيطان عما وصيت به من الدفع بالتي هي أحسن {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} من شرّه، وامض على شأنك ولا تطعه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن المسيء إذا أساء إليك فإنك جازيته بمثل تلك السيئة فحسنتك سيئة بالنسبة إليك؛ لما كان عليك أن تعفو عنه؛ بل تحسن إليه، لكن لا تستوي سيئتك وسيئته. وسيجيء إن شاء الله تعالى في سورة "الشورى" الكلام فيه عند قوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} بالشورى: ٤٠].

قوله: (أو أريد: وإما ينزغنك نازغ) وعلى هذا "من" بيانية، جرد من الشيطان؛ إما شيطان آخر وسمي نازغًا، أو جرد منه وصفه الذي هو تسويله وجعل نازغًا، فهو هو أيضًا، وعلى الأول كانت ابتدائية، المعنى: إما ينزغنك من جهة الشيطان نزغ فأسند الفعل إلى فعله مجازًا.

قوله: (وامض على شانك) أي خلصت من نزغاته. الأساس: مضى على أمره، تم عليه. ومضى السيف في الصريبة. ومضى في حاجته.

<<  <  ج: ص:  >  >>