للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهي عن ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب. لعل ناسًا منهم كانوا يسجدون للشمس والقمر كالصابئين في عبادتهم الكواكب، ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لهما السجود لله، فنهوا عن هذه الواسطة، وأمروا أن يقصدوا بسجودهم وجه الله تعالى خالصًا، إن كانوا إياه يعبدون وكانوا موحدين غير مشركين، {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا} ولم يمتثلوا ما أمروا به وأبوا إلا الواسطة فدعهم وشأنهم، فإنّ الله عز سلطانه لا يعدم عابدًا ولا ساجدًا بالإخلاص، وله العباد المقربون الذين ينزهونه بالليل والنهار عن الأنداد. وقوله: {عِنْدَ رَبِّكَ} عبارة عن الزلفى والمكانة والكرامة. وقرئ: (لا يسأمون)، بكسر الياء.

[{وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ٣٩]

الخشوع: التذلل والتقاصر، فاستعير لحال الأرض إذا كانت قحطة لا نبات فيها، كما وصفها بالهمود في قوله: {وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً} [الحج: ٥]؛ وهو خلاف وصفها بالاهتزاز والربو؛ وهو الانتفاخ: إذا أخصبت وتزخرفت بالنبات كأنها بمنزلة المختال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خَلَقَهُنَّ} لأنه حكم قد عقب الوصف المناسب، وقوله: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} تتميم للمعنى وتقريع للغافلين، وقوله: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا} تتميم غب تتميم، وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ثم قال: فدعهم وشأنهم، لكنه متضمن للذم على ترك السجود، فإن قوله: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا} وضع موضع: فإن لم يسجدوا، إقامة للسبب موضع المسبب للعلية، وأنت قد عرفت أن شرعية إيجاب السجدة إما للأمر بها، أو المدح لمن أتى بها، أو الذم لمن تركها، وكان الظاهر إيجاب سجدتين؛ فجعل الثاني كالتوكيد للأول، فشرع سجدة واحدة.

وعن بعضهم: إنما كانت السجدة عند {لا يَسْأَمُونَ} لأنه أقرب إلى الاحتياط، فإنها إن كانت عند الآية الأولى جاز تاخيرها، وإن كانت عند الثانية لم يجز تعجيلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>