للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما أنكروه وجحدوه هم لا قوه عن قريب عند موتهم وعند قيام الساعة، ونبه على اقتراب ذلك بأن عبر عنه بلفظ الماضي، وهو قوله: {وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ}، {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ}.

و{سَكْرَةُ المَوْتِ}: شدّته الذاهبة بالعقل، والباء في {بِالحَقِّ} للتعدية، يعني: وأحضرت سكرة الموت حقيقة الأمر الذي أنطق الله به كتبه، وبعث به رسله، أو: حقيقة الأمر وجلية الحال؛ من سعادة الميت وشقاوته. وقيل: الحق: الذي خلق له الإنسان؛ من أن كل نفس ذائقة الموت.

ويجوز أن تكون الباء مثلها في قوله: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} [المؤمنون: ٢٠]، أي: وجاءت ملتبسة بالحق، أي: بحقيقة الأمر، أو بالحكمة والغرض الصحيح، كقوله: {خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} [الأنعام: ٧٣].

وقرأ أبو بكر وابن مسعود رضي الله عنهما: "سكرة الحق بالموت"؛ على إضافة "السكرة" إلى "الحق"، والدلالة على أنها السكرة التي كتبت على الإنسان وأوجبت له، وأنها حكمة، والباء للتعدية؛ لأنها سبب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ونبه على اقتراب ذلك [بأن عبر عنه] بلفظ الماضي): يعني: إذا كان الشيء المتوقع قريب الوقوع، أو أسباب وقوعه متأخرة: يعدل في الإخبار عنه من المستقبل إلى الماضي؛ دلالة على حصوله، نحو قولك: "اشتريت كذا" حال انعقاد الأسباب، وحصول التراضي، ومنه قوله: مت.

قوله: (والدلالة): عطف على "إضافة" عطف تفسير وإعلام بأن الإضافة من إضافة البيان.

قوله: (والباء للتعدية): أي: الباء في "بالموت" في قراءة "سكرة الحق بالموت" متصل بـ"جاءت"، وهي إما سببية، لأن مجيء هذه السكرة التي أوجبها الله تعالى للإنسان حكمة

<<  <  ج: ص:  >  >>