زهوق الروح لشدتها، أو لأنّ الموت يعقبها، فكأنها جاءت به. ويجوز أن يكون المعنى: جاءت ومعها الموت.
وقيل: سكرة الحق: سكرة الله، أضيفت إليه تفظيعًا لشأنها وتهويلًا. وقرئ:"سكرات الموت".
{ذلِكَ} إشارة إلى "الموت"، والخطاب للإنسان في قوله:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ} على طريق الالتفات، أو إلى "الحق" والخطاب للفاجر، {تَحِيدُ} تنفر وتهرب، وعن بعضهم: أنه سأل زيد بن أسلم عن ذلك، فقال: الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فحكاه لصالح بن كيسان، فقال: والله ما سنّ عالية، ولا لسان فصيح،
لابد أن تكون سببًا لزهوق الروح، أو لا تكون سببه، لكن هذه السكرة لما ترتب عليها الموت كانت كأنها جاءت بالموت.
قوله: (أو إلى "الحق"، والخطاب للفاجر): يعني: {وجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالْحَقِّ} إن اتصل بقوله: {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}، وقوله:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ}، وهم الذين قالوا:{أَئِذَا مِتْنَا وكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}: فالمناسب أن يكون المشار إليه بقوله {ذَلِكَ}: "الحق"، يدل عليه قوله:"لما ذكر إنكارهم البعث، واحتج عليهم بوصف قدرته وعلمه، أعلمهم أن ما أنكروه وجحدوه هم لا قوه عن قريب" أي" جاءك_ أيها الفاجر_ الحق الذي أنكرته.
وإن اتصل بقوله:{ولَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ}، ويكون الخطاب للجنس، وفيهم البر والفاجر، كما قال الحسين بن عبد الله العباسي، فالمناسب أن يكون المشار إليه: "الموت".
والالتفات لا يفارق الوجهين، ولا ثاني هو الوجه؛ لمجيء قوله بعد ذلك:{وجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وشَهِيدٌ}، وتفصيله:{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}، {وأُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}.
قوله:(ما سن عالية): نفي للصفة على المبالغة دون الموصوف، يدل عليه قوله: "ولا لسان فصيح"، نحو قولك: ما عندي كتاب يباع، تريد نفي البيع وحده.