للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استعملها الأعشى في صلاة الخمار على دن الخمر. {وصلّى على دَنّها وارْتسم}

وكذا هي في قوله: {عليكِ مثلُ الذي صليت} أي دَعَوت (ولا يتأتى أن يقصد الأعشى بالصلاة الركوع ونحوه، لأنه لم يسلم)، وبهذا يفهم أن الصلاة من اللَّه عز وجل على عباده هي إنزال الرحمة والبركات -كما يُقصد بالدعاء {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} في [قر ١٤/ ١٩٨]- فصلاة اللَّه على العبد هي رحمته له وبركته عليه. . وصلاة الملائكة دعاؤهم للمؤمنين واستغفارهم لهم، كما قال تعالى {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: ٧] وأقول إن هذه الآية تعبر عن فضل ورعاية من اللَّه عز وجل لهذه الأمة لا يحاط به. وهو يفسّر كيف بقى الإسلام إلى الآن وإلى يوم القيامة إن شاء اللَّه برغم عداء الغرب ومحاربة كل حكومات العالم للإسلام. هذا مع عظيم شيوع حفظ القرآن وازدهار الجانب الروحي بالعلماء والأولياء، وانتشار الإسلام في شعوبٍ تحاربه، وغير هذا مما لا يفصّل إلا في كتب. وكل هذا بفضل صلاة اللَّه وملائكته على هذه الأمة، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦]. -صلى اللَّه عليه وسلم-. وفي [تاج] فائدة نفيسة منها أن معنى صلاتنا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: اللهم عظّمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دعوته، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وتضعيف أجره ومثوبته ".

فلمعنى الدعاء والضراعة استُعْملت في أهم صور التضرع والإخبات للَّه عز وجل وهي الصلاة ذات الركوع والسجود {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣] وقد سبق الإمام ابن فارس بالقول باشتقاق الصلاة من صَلّيت العود: لّينته لأن المصلي يلين بالخشوع. ولكن لكثرة الاجتهادات في

<<  <  ج: ص:  >  >>