كتاب الصورة الأدبية تاريخ ونقد

الفصل الثاني: الصورة الأدبية في النقد الأدبي الحديث - ص: 142

بالهدف من العمل الفني والغرض منه، سواء أكان هذا الهدف دينيًّا أو أخلاقيًّا أو تعليميًّا أو اجتماعيًّا أو نفسيًّا، فإذا قال ابن الرومي مثلًا:

لو غاص الماء بها غوصة ... صاد بها حيتانها أجمعا

أو قابل الريح بها مرة ... لم ينبعث في خطوه أصبعا١

فيرى عز الدين أن الصورة الكلية في بيتي الشاعر مثلًا هي ما توحي به من السخر والهزء والإضحاك ويسميها الصورة الثانية، وهي ما وراء السطح مما يفهم أو يحس ولم يفطن إليها إلا قليل من النقاد العرب القدامى٢.

وأما الصورة الجزئية ويسميها الصورة الأولى، وتوجد في سطح العمل الفني مما يدعى بالسطح الجمالي، وتتكون من الصورة الزمانية، التي تبدو في تنسيق المسافات الصوتية فيها ومن الصورة المكانية وهي المرئية أو المفهومة من اللفظ الذي يدل على شيء في اللغة، وعلى الجملة فهي التنسيق والدلالة المفهومة معًا، واهتم العرب بهذه الصورة. وسمى عز الدين نقد الصورة على هذا النمط بالنقد الجمالي الذي يعتمد على قواعد معينة تكتسب بالذوق والروح٣، وتتمثل الصور الجزئية في بيتي ابن الرومي السابقين عنده، في تشبيه البيت الأول، وكناية البيت الثاني، ويرد هذه القواعد في النقد القديم إلى قاعدتين عامتين هما: الإيقاع والعلاقات٤.

يقول د. عز الدين: "فكل عمل فني له سطح هو ما يسمى بالسطح الجمالي، وهو المقصود بالصورة الأولى، ووراء هذا السطح شيء يفهم أو يحس، وهو

---

١ الديوان المصري الجزء الثالث مصور عن نسخة بمكتبة نور عثمانية: نسخ الأمير الكبير العالم العامل شهاب الدين أحمد بن الأمير الكبير عماد الدين بمعهد المخطوطات العربية.
٢ الأسس الجمال د. عز الدين إسماعيل ص١٧٦ طـ ١٩٥٥.
٣ المرجع السابق ١٧٦.
٤ المرجع السابق ص٢٢١-٢٣٣.