للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل) (١) . (الشعراء: ٢٢)

والمراد بالعبادة في كلتا الآيتين هو العبودية والإطاعة. فقال فرعون: أن قوم موسى وهارون عابدون لنا، أي عبيد لنا وخاضعون لأمرنا، وقال موسى: إنك عبَّدت بني إسرائيل، اتخذتهم عبيداً وتستخدمهم حسب ما تشاء وترضى.

العبادة بمعنى العبوية والإطاعة

(يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون) (٢) . (البقرة: ١٧٢)

إن المناسبة التي أنزلت بها هذه الآية هي أن العرب قبل الإسلام كانوا يتقيدون بأنواع من القيود في المآكل والمشارب، امتثالاً لأوامر أئمتهم الدينيين واتباعاً لأوهام آبائهم الأولين، فلما أسلموا قال الله تعالى:

إن كنتم تعبدونني فعليكم أن تحطموا جميع تلك القيود وتأكلوا ما أحللته لكم هنيئاً مريئاً، ومعناه أنكم إن لم تكونوا عباداً لأحباركم وأئمتكم، بل لله تعالى وحده، وإن كنتم قد هجرتم طاعتهم إلى طاعته، فقد وجب عليكم أن تتبعوا ما وضعه لكم من الحدود، لا ما وضعوه في الحلال والحرام. ومن ذلك جاءت كلمة (العبادة) في هذا الموضع أيضاً بمعاني العبودية والإطاعة.


(١) قال الطبري في التفسير ١٩/٣٣: "ويعني بقوله (عبدت بني إسرائيل) أن اتخذتهم عبداً لك". اهـ، وفيه عن مجاهد "قال: قهرتهم واستعملتهم" عن ابن جريح "قال: قهرت وعذبت واستعملت بني إسرائيل".
(٢) قال الطبري في التفسير ٢/٥٠: إن كنتم إياه تعبدون: يقول: إن كنتم منقادين لأمره، سامعين مطيعين فكلوا مما أباح لكم أكله وحلله وطيبه لكم ودعوا في تحريمه خطوات الشيطان، ... وهو الذي ندبهم إلى أكله ونهاهم عن اعتقاد تحريمه، إذ كان تحريمهم إياه في الجاهلية طاعة منهم للشيطان، واتباعاً لأهل الكفر منهم بالله من الآباء والأسلاف". اهـ.

<<  <   >  >>