للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في جميع هذه الآيات قد وردت كلمة (الدين) بمعنى السلطة العليا، ثم الإذعان لتلك السلطة وقبول إطاعتها وعبديتها. والمراد بإخلاص الدين لله ألا يسلم المرء لأحد من دون الله بالحاكمية والحكم والأمر، ويخلص إطاعته وعبديته لله تعالى إخلاصاً لا يتعبد بعده لغيره الله ولا يطيعه إطاعة مستقلة بذاتها. (١)

الدين بالمعنى الثالث

(قل يا أيها الناس إن كنتم في شكٍ من ديني فلا أعبدُ الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين. وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكونن من المشركين) (يونس: ١٠٤-١٠٥)

(إن الحُكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم) (يوسف: ٤٠)

(وله من في السماوات والأرض كلٌ له قانتون) ..


(١) معناه أن تكون إطاعة المرء لغير الله – أياً كان هو – تابعة لإطاعة الله تعالى ومتضمنة فيما قد رسم لها من الحدود. فالطاعة الولد لوالده وإطاعة المرأة لزوجها، وإطاعة العبد أو الخادم لسيده وما شاكلها من الإطاعات، إن كانت بأمر من الله ومتضمنة فيما قد وضع لها من الحدود فإنها عين إطاعة الله. وأما إذا كانت خارجة عن تلك الحدود أو مستقلة بذاتها، فإنها البغي والعصيان.
وقل مثل ذلك في الحكومة، فهي إن كانت مبنية على القانون المنزل من عند الله تعالى قائمة بإنفاذ حكم الله في أرضه فإن إطاعتها واجبة أما إذا لم تكن كذلك، بل كان أساسها القوانين الوضعية، فإن إطاعتها جريمة.

<<  <   >  >>