١٤٥ - أخبرنا أبو الحسين مُحَمَّد بْن علي بْن مُحَمَّد بْن مخلد الوراق، وأبو مُحَمَّد الحسن بْن مُحَمَّد الخلال، قَالَ الخلال: حَدَّثَنَا، وقال الآخر أنبأنا أبو الحسن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، قَالَ: أنشدني وليد بْن مُحَمَّد لجحظة، من المتقارب:
تفزع إذ جئته للسلام ... ومات من الخوف لما دخلت
فقلت له لا يرعك الدخول ... فواللَّه ما جئت حتى أكلت
"
١٤٦ - حدثني أبو عبد اللَّه مُحَمَّد بْن فتوح الأندلسي، قَالَ: " كتب بعض الأدباء إلى بعض إخوانه يشاوره في قصد بعض الرؤساء تأميلا له واستدعاءا لنائله، وكان معروفا بالبخل، فكتب إليه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، كتبت إلي تسألني عن فلان، وذكرت أنك هممت بزيارته، وحدثتك نفسك بالقدوم عليه، فلا تفعل أمتع اللَّه بك! فإن حسن الظن به لا يقع إلا بخذلان من اللَّه، وإن الطمع فيما عنده لا يخطر على القلوب إلا من سوء التوكل على اللَّه، والرجاء لما في يديه لا ينبغي إلا بعد اليأس من روح اللَّه، لأنه رجل يرى التقتير الذي نهى اللَّه عنه هو التبذير الذي يعاقب عليه، وأن الاقتصاد الذي أمر اللَّه به هو الإسراف الذي يعذب عليه، وإن بني إسرائيل لم يستبدلوا العدس بالمن، والبصل بالسلوى، إلا لفضل أحلامهم وقديم علم توارثوه عن آبائهم، وأن الضيافة مدفوعة، والهبة مكروهة، وأن الصدقة منسوخة، وأن التوسع ضلالة، والجود فسق، والسخاء من همزات الشياطين، كأنه لم يسمع بالمعروف إلا في الجاهلية الأولى التي