بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ الإِمَامُ رِحْلَةُ زَمَانِهِ وَحَافِظُ عَصْرِهِ وَأَوَانِهِ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ:
سَأَلَ سَائِلٌ عَنِ النُّجُومِ: هَلِ الشُّرُوعُ فِيهِ مَحْمُودٌ أَمْ مَذْمُومٌ؟ وَأَنَا أَذْكُرُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ الْمُسْتَقِيمِ مَا تَيَسَّرَ بِتَوْفِيقِ مَوْلايَ الْكَرِيمِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
فَأَقُولُ: إِنَّ عِلْمَ النُّجُومِ يَشْتَمِلُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا مُبَاحٌ، وَتَعَلُّمُهُ فَضِيلَةٌ.
وَالآخَرُ مَحْظُورٌ، وَالنَّظَرُ فِيهِ مَكْرُوهٌ.
فَأَمَّا الضَّرْبُ الأَوَّلُ: فَهُوَ الْعِلْمُ بِأَسْمَاءِ الْكَوَاكِبِ، وَمَنَاظِرِهَا، وَمَطَالِعِهَا، وَمَسَاقِطِهَا، وَسَيْرِهَا، وَالاهْتِدَاءُ بِهَا، وَانْتِقَالُ الْعَرَبِ عَنْ مِيَاهِهَا لأَوْقَاتِهَا، وَتَخَيُّرُهُمُ الأَزْمَانَ لِنِتَاجِ مَوَاشِيهَا، وَضِرَابِهِمُ الْفُحُولَ، وَمَعْرِفَتُهُمْ بِالأَمْطَارِ عَلَى اخْتِلافِهَا، وَاسْتِدْلالُهُمْ عَلَى مَحْمُودِهَا وَمَذْمُومِهَا، وَالتَّوَصُّلُ إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ بِالنُّجُومِ، وَمَعْرِفَةُ مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ، وَسَاعَاتِ اللَّيْلِ بِظُهُورِهَا وَأُفُولِهَا.
وَقَدْ جَاءَ كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي الآثَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَخْيَارِ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْخَالِفِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute