٩٥٨- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابن جُرَيْج، عن جَعْفَرِ بن محمد، عن أبيه عن جابِرٍ، وهُو يُحَدِّثُ عن حِجَّةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
-خَرَجْناَ مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذَا كُنَّا بالبيداءِ، فَنَظَرْتُ مَدَّ بَصَرِي مِنْ بَيْنِ رَاكِبٍ وراجلٍ بَيْنَ يَدَيْه، عن يمينه وعن شماله، ومِنْ وَرائِه، كُلُّهُمْ يُريدُ أَنْ يَأْتَمَّ به، يلتمس أن يقولَ كما يقولُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّم: لا يَنْوِي إلَاّ الْحَجَّ، لَا يَعْرِف غَيْره، ولا يَعْرِفُ العُمْرَةَ، فَلَمَّا طُفْناَ فَكُنَّا عِنْدَ الْمَرْوَةِ، قال:«أَيُّهَا الناسُ، ومَنْ لم يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيُحَلِلْ ويَجْعَلْهاَ عُمْرَةً، ولو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ ما أَهْدَيْتُ فَحَلَّ مَنْ لم يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ ⦗٣٧١⦘ (روى هذا مسلم بعدة روايات منها» أهللنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالحج فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فما ندري أشئ بلغه من السماء أم شئ من قبل الناس فقال: «أيها الناس أحلوا فلولا الهدي الذي معي فعلت كمافعلتم» فأحللنا حتى وطئنا النساء وفعلنا مايفعل الحلال حتى إذا كان يوم التروية وجعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج وفي رواية أخرى له: " أحلوا من إحرامك حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة قالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج؟ قال: افعلوا ما آمركم به فإني لولا أني سقت الهدى لفعلت مثل الذي أمرتكم" وفي هذا الحديث فسخ الحج وتحويله إلى عمرة ثم استئنافه يوم التروية وقد اختلف العلماء في هذا النسخ هل هو خاص بالصحابة تلك السنة بخصوصها أم باق لهم ولغيرهم إلى يوم القيامة فقال أحمد وجماعة من أهل الظاهر: ليس خاصا بل هو باق إلى يوم القيامة فيجوزلكل من أحرم بحج وليس معه هدي أن يقلب إحرامه عمرة ويتحلل بأعمالها وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجماهير العلماء من السلف والخلف هو مختص بهم في تلك السنة ولا يجوز بعدها وإنما أمروا به تلك السنة ليخالفوا ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج ومما يستدل به لمذهب الجمهور حديث أبي ذر الذي رواه مسلم كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد خاصة يعني فسخ الحج إلى العمرة وروى النسائي عن الحارث بن بلال عن أبيه قال: قلت يا رسول اللَّه فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال: بل لنا خاصة وقوله صلى الله عليه وسلم: «لو استقبلت من أمري إلخ» يشعرنا بأنه كان يود أن يشاركهم في التحلل والاعتمار ثم الحج ولكن منعه من ذلك سوق الهدي وكان إلهامه أمرهم بالتحلل من الحج وتحويله إلى عمرة جاء ووقع بعد سوقه الهدي وهذه العبارة دليل على أنه صلى الله عليه وسلم مع كونه أحب خلق اللَّه إلى اللَّه وأعظمهم منزلة لديه لا يعلم الغيب) .