للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٥٤- (أخبرنا) سُفيانُ، عن عَمْرٍو يعني ابن دينار، عن نافعٍ بن جُبير، عن رجل من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال:

-كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم في سَفَرٍ ⦗١٩٨⦘ (السفر الذي عناه أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان راجعاً من غزوة خيبر فسار ليلة حتى أدركه الكرى فعرس كما في مسلم برواية أبي هريرة) فَعَرَّسَ (قوله فعرس بالتشديد التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة وقوله يكلؤنا أي يحرسنا ويحفظنا كلأه يكلؤه من باب نفع كلاءة وكلاء بالكسر فيهما وكلئا بالفتح: حفظه وحرسه) فقالَ: ألَا رجلٌ صالحٌ يكلؤنا اللَّيْلَةَ فلا يَرْقُدُ عن الصلاة فقال بلالٌ: أنا يا رسولَ اللَّه قال: فاسْتَنَدَ بلالٌ إلى رَاحِلَتِهِ (الراحلة هي البعير القوي على الأسفار والأحمال الذكر والأنثى فيه سواء وهاؤه للمبالغة واستند إلى الشئ اعتمدعليه بظهر هو المعنى أن بلالا ركن ظهره إلى جمله قيل الفجر فغلبه النوم «فلم يفزعوا إلا بحر الشمس» أي فلم يهبوا وينتبهوا من نومهم إلا بحر الشمس أي بعد أن أحسوا بحرارتها على وجوههم يقال فزع بالكسر من نومه أي هب وانتبه وكأنه من الفزع بمعنى الخوف لأن الذي ينبه لا يخلوا من فزع ما وهنا يقال كيف غلب النوم الرسول وهو الذي لا ينام قلبه وإن نامت عيناه والجواب أن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كخروج الريح مثلا فقد عللوا عدم انتقاض وضوئه بالنوم بأن قلبه لا ينام أي يشعر بهذه الحسية أما طلوع الفجر فلا يدرك بالقلب بل بالعين وهي نائمة وإن كان القلب يقظان) واسْتَقْبَلَ الفجرَ فلم يَفْزَعُوا إلَاّ بِحَرِّ الشَّمْسِ في وُجُوههم فقال رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: يا بلالُ أين ما قلت؟ (أين ما قلت هذا الاستفهام في إحدى النسخ الخطية دون غيرها) فقال بلالٌ يا رسولَ اللَّه: أخَذَ بِنَفْسِي الذي بِنَفْسِك (فقال بلال أخذ بنفسي إلخ أي غلبني على نفسي ما غلبك وهو النوم يعتذر من عدم إيقاظهم كما وعد) قال: فتوضأ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثمَّ صلى رَكْعتى الفَجْر ثم قالَ: اقتادوا شيئاً قالَ: ثمَّ صَلَّى الْفَجْرَ ⦗١٩٩⦘ (اقتادوا أي اقتادوا رواحلكم شيئا أي قليلا فهو نائب عن المفعول المطلق وفي مسلم قال اقتادوا فاقتادوا رواحلهم شيئا وهذا دليل على أن قضاء الفائتة بعذر لا يلزم أن يكون على الفور وإنما أمرهم باقتيادهم لما ذكره في مسلم من أن هذا منزل حضرهم فيه الشيطان وفي الحديث دليل على قضاء سنة الصبح فإنه صلاها أولا ثم انتقل قليلا ثم صلى الفجر وبهذا أخذ الحنفية فقالوا بقضاء سنة الفجر دون غيرها والصحيح عند الشافعية قضاء السنن الراتبة كلها لقوله صلى اللَّه عليه وسلم من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها والأحاديث أُخر كثيرة في الصحيح كقضائه سنة الظهر بعد العصر حين شغله عنها الوقد وغير ذلك) .

<<  <  ج: ص:  >  >>