أمور ليس بينها اتصال وبين النتيجة. فإذا سلمت لهم، أتوا بالنتيجة كأنها قد لزمت عن تلك الأمور، ويوهمون أن ذلك شىء قد فرغ منه، وأن الخصم قد بكت وانقطع. فإن هذا لا يقدر على حله ومقاومتهم فيه إلا العارف بطبيعة القياس، القليل الانفعال عن مباهتتهم ومجاهرتهم بأنهم قد ألفوا القياس من غير أن يؤلفوه. وإنما كانت الحيلة معهم فى هذا الموضع عسيرة إلا على الحكماء، لأن أكثر السامعين لا يعرفون طبيعة القياس.
ومن حيل السائلين أنهم إذا سألوا عن مقدمة كاذبة ليبكت منها المجيب إذا سلمها، اضطروه إما أن يسلمها ويسوقوه إلى الشنيع، أو إلى أن يسلم المقدمة أو القول المركب من المقدمات بحال يمكن فيها أن يحرف فيلزم عنها التبكيت.
وربما نفعهم فى هذا استعمال الاستدراجات التى تستعمل فى الخطابة مع السامعين، أعنى ليسلموا الشىء بالجهة التى بها يظن أنهم قد سلموا المطلوب