فأما من أين يمكن صاحب هذه الصناعة أن يلجىء المتكلم إلى التبكيت، أو إلى الهذر والتشنيع عليه بذلك، وهو الغرض الرابع، فذلك يعرض للذين ليس عندهم فرق، ولا اختلاف، بين أن يؤتى بالشىء من حيث يدل عليه اسم مفرد، أو من حيث يدل عليه بذلك الاسم مع بعض ما يدل عليه ذلك الاسم: إما على طريق اللزوم، وإما على جهة التضمين، حتى يأتى مجموع ذلك فى صورة القول المركب. وذلك يعرض كثيراً فى المضافات وفى حدود الأشياء التى قوامها فى موضوع ما، ويؤخذ ذلك الموضوع جزء حدها، فيعرض من ذلك إما أن يبكته ويلزمه الإقرار بالقول الكاذب، وإما أن يهذر فى كلامه. مثال ذلك فى المضاف أن يقول: إن كان ما يدل عليه قولنا) ضعف (هو ما يدل عليه قولنا) ضعف النصف (، لأن الضعف إنما هو ضعف للنصف، وكان النصف ضعفاً، فالضعف ضعف. فإما أن يقول إن الضعف ليس هو ضعفاً للنصف، وإما أن يقول إن الضعف هو ضعف، وذلك هذر. فإن الجزء لا يكون جزءاً عن نفسه.