للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا فالجزم ينفي كل معقول جزم بلا علم، بخلاف المؤمن بجميع ما أخبر الله به، الذي يجزم بأنه ليس في المعقول ما يناقض منصوص الرسول، فإن هذا قد علم ذلك علماً يقيناً عاماً مطلقاً.

وإذا قال الذي يقر ببعض النصوص دون البعض، المضاهي لمن آمن ببعض الكتاب دون بعض: الذي نفيته يحيله العقل، والذي أقررته لا يحيله العقل، بل هو ممكن في العقل.

قيل له: أتعني بقولك: لا يحيله العقل، وهو ممكن في العقل: الإمكان الذهني أو الخارجي؟

فإن عنيت الإمكان الذهني: بمعنى أنه لم يقم دليل عقلي يحيله، فهذا لا ينفي أن يكون في نفس الأمر ما يحيله ولم تعلمه.

وإن عنيت به الإمكان الخارجي، وهو أنك علمت بعقلك أنه يمكن ذلك في الخارج، فهذا لا يتأتى لك في كثير من الأخبار.

وهؤلاء الذين يدعون أنهم يقررون إمكان ذلك بالعقل، يقول أحدهم: هذا لو فرضناه لم يلزم منه محال، كما يقول ذلك الآمدي ونحوه، أو يقول: هذا لا يفضي إلى قلب الأجناس، ولا تجوير الرب، ولا كذا ولا كذا، فيعددون أنواعاً محصورة من الممتنعات.

ومعلوم أن نفي محالات معدودة لا يستلزم نفي كل محال.

وقول القائل: لو فرضناه لم يلزم منه محال: إن أراد به: لا أعلم انه يلزم منه محال، لم ينفعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>