للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحض يجلو البصر، والعكس بالعكس] (١٣٩) ، وفي معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ» ، احتمالات ثلاثة (١٤٠) :

١- أن ماءها مجردًا هو شفاء مطلقًا (١٤١) . (ويستخرج منها بشيِّها واستقطار مائها؛ لأن النار تُلطِّفه وتُنضِجه، وتذيب فضلاته ورطوبته المؤذية، وتُبقِي منافعَه) (١٤٢) .

٢- أن ماءها شفاء للعين إذا خُلِط بدواء - كالإثمد وغيره من الأكحال - ثم عولجت به العين.

٣- أن التداوي بها يعتمد على نوع الداء في العين؛ فإن كان لتبريد حرارة


(١٣٩) انظر: "الفتح" لابن حجر (١٠/١٧٤) .
(١٤٠) انظر: "المنهاج شرح مسلم" للنووي (١٤/٢٣٣) .
(١٤١) هذا القول رجّحه النوويُّ رحمه الله - في شرحه على صحيح مسلم بالعزو السابق -، وعبارته: (والصحيح، بل الصواب أن ماءها مجردًا شفاءٌ للعين مطلقًا، فيُعصر ماؤها ويُجعل في العين منه، وقد رأيت أنا وغيري في زمننا من كان عَمِي وذهب بصره حقيقةً فكحل عينه بماء الكمأة مجردًا فشفي وعاد إليه بصره، وهو: الشيخ العدل الأمين الكمال بن عبد الله الدمشقيُّ، صاحب صلاح ورواية للحديث، وكان استعماله لماء الكمأة: اعتقادًا في الحديث وتبرُّكًا به، والله أعلم. اهـ. قال ابن حجر في "الفتح" (١٠/١٧٤) : وينبغي تقييد ذلك بمن عرف من نفسه قوة اعتقادٍ في صحة الحديث والعمل به، كما يشير إليه آخر كلامه. اهـ. يعني: كما يشير آخر كلام النوويِّ رحمه الله من أن الشيخ الكمال المذكور كان عظيم الاعتقاد بصحة حديث الكمأة، ومشروعية مداواة العين بمائها، فلا يقاس عليه غيره، ولا تعمّم هذه القاعدة، لأن فعل الصالحين من عباد الله يدخل فيه الاستشفاء الروحي، وقد لا يحصل ذلك لغيرهم، والله أعلم.
(١٤٢) انظر: "الطب النبوي" لابن القيم (ص٣٦٥) .

<<  <   >  >>