للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

«لا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلا تَخْبزنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أجِيءَ» فَجِئْتُ، وَجَاءَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النَّاسَ، حَتَّى جِئْتُ امْرَأتِي، فقالَتْ: بِكَ وَبِكَ! فقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ لي. فَأخْرَجَتْ عَجِيناً، فَبسَقَ فِيهِ وَبَاركَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنا فَبصَقَ فيها وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعِي خَابزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ، وَلا تُنْزِلُوها» وَهُم ألْفٌ، فَأُقْسِمُ بِالله لأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطّ كَمَا هِيَ، وَإنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ.

قَوْله: «عَرَضَتْ كُدْيَةٌ» بضم الكاف وإسكان الدال وبالياء المثناة تَحْتَ، وَهِيَ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ صُلْبَةٌ مِنَ الأرضِ لا يَعْمَلُ فِيهَا الفَأسُ، ... وَ «الكَثيبُ» أصْلُهُ تَلُّ الرَّمْل، وَالمُرَادُ هُنا: صَارَتْ تُراباً نَاعِماً، وَهُوَ مَعْنَى «أهْيَلَ» . وَ «الأَثَافِيُّ» : الأحجَارُ الَّتي يكُونُ عَلَيْهَا القِدْرُ، وَ «تَضَاغَطُوا» : تَزَاحَمُوا. وَ «المَجَاعَةُ» : الجُوعُ، وَهُوَ بفتح الميم. وَ «الخَمَصُ» : بفتح الخاء المعجمة والميم: الجُوعُ، وَ «انْكَفَأتُ» : انْقَلَبْتُ وَرَجَعْتُ. و «البُهَيْمَةُ» بضم الباء، تصغير بَهْمَة وَهيَ، العَنَاقُ، بفتح العين. وَ «الدَّاجِنُ» : هِيَ الَّتي ألِفَتِ البَيْتَ: وَ «السُّؤْرُ» الطَّعَامُ الَّذِي يُدْعَى النَّاسُ إِلَيْهِ؛ وَهُوَ بالفَارِسيَّة. وَ «حَيَّهَلا» أيْ تَعَالُوا. وَقَوْلُهَا «بك وَبكَ» أيْ خَاصَمَتْهُ وَسَبَّتْهُ، لأَنَّهَا اعْتَقَدَتْ أنَّ الَّذِي عِنْدَهَا لا يَكْفِيهمْ، فَاسْتَحْيَتْ وَخَفِيَ عَلَيْهَا مَا أكْرَمَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ هذِهِ المُعْجِزَةِ الظَّاهِرَةِ وَالآية البَاهِرَةِ. «بَسَقَ» أيْ: بَصَقَ؛ وَيُقَالُ أيْضاً: بَزَقَ، ثَلاث لُغاتٍ. وَ «عَمَدَ» بفتح الميم، أيْ: قَصَدَ. وَ «اقْدَحي»

أيْ: اغْرِفِي؛ وَالمِقْدَحَةُ: المِغْرَفَةُ. وَ «تَغِطُّ» أيْ: لِغَلَيَانِهَا صَوْتٌ، والله أعلم.

في هذا الحديث: معجزة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفضيلة لأصحابه رضي الله عنهم، حيث صبروا معه على الجوع والحرب، فأثابهم الله على ذلك بأن استخلفهم في

<<  <   >  >>